الثورة أون لاين – وفاء فرج:
مع افتتاح “خان الحرير” و”ساحة الفستق” و”سوق السقطية” في حلب رسمياً أمام زوار الأسواق القديمة من مشترين وعارضين وزوار يكون قلب حلب العاصمة الاقتصادية لبلاد الشام قد عاد إلى الحياة.
الحدث ليس بالعادي، وقد احتفل به أهالي حلب وسورية، لأن ما جرى لا ينبغي النظر إليه من زاوية أن الخان والساحة والسوق هي محلات تبيع وتشتري، وأسواق عتيقة وأثرية تعج ليل نهار بالمارة والزوار والسواح، وإنما يجب النظر إليه من زاوية أنها محلات تبيع جزءاً مهماً من منتجات قطاع الصناعات الحرفية والتقليدية، القطاع الذي عجزت الحرب الإرهابية والحرب الاقتصادية والحصار والعقوبات عن توقيف عجلة إنتاجه، وبقي صامداً مستنداً على الأسر المنتجة وعلى الورشات الصغيرة في ديمومة عمله.
وخيراً فعلت الحكومة قبل أسابيع حين أعلنت عن فتح باب القروض الصغيرة والمتوسطة، وأعلنت أن عدداً من المهن التي يمكن تقديم القروض لها، تقع ضمن قطاع الصناعات الحرفية والتقليدية، وقد عهدت بذلك إلى هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، وإلى المصرف التجاري كي يتوليا هذه المهمة.
لكن المطلوب أن نهتم أكثر بهذه الصناعات، خاصة وأن هناك اقتصادات مجاورة وفي العالم استطاعت أن تبني نهضتها وتقدمها الاقتصادي اعتماداً على ثنائية “القروض- والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجال الصناعات الحرفية والتقليدية”.
إن نظرة بسيطة وسريعة على قطاع الصناعات الحرفية والتقليدية في سورية يبين أن عدداً كبيراً من السكان يعمل فيه، وأنه قطاع متنوع، فمن الصناعات الريفية والزراعية إلى الخشبية والفخارية والزجاجية والنسيجية والغذائية والسجاد والمفروشات والتحف والصاغة والفضيات، في قائمة تطول، وصولاً إلى الصناعات التقليدية التراثية ذات الطابع الحضاري السياحي مثل الدامسكو والأغباني والقاشاني، والكثير الكثير من هذه الصناعات.
كما أنه قطاع بسيط وغير مكلف لجهة المكان والآلات، حيث يتم العمل في المنزل بشكل كبير من خلال استعمال اليدين والخبرة المتوارثة مع الآلات البسيطة، إضافة إلى قدرته على خلق فرص عمل، ومساهمته في توفير القطع الأجنبي من خلال تصدير منتجاته إلى الخارج، ولعل الكثيرين يعرفون كم كانت مساهمة هذا القطاع قبل سنوات الحرب.
المطلوب اليوم، وبعد توجيه الشكر لكل من كانوا وراء عودة خان الحرير، وبعد الإشادة أيضاً بفتح باب الإقراض لعدد من الصناعات، أن نوسع البيكار أكثر، وأن ندعم هذه الصناعات بالتأهيل والتدريب والمعارض والتسويق، وقبل هذه وذاك بالتمويل.
لقد عاد خان الحرير، وعادت ساحة الفستق والسقطية، وستعود في وقت قريب أسواق حلب العتيقة لتؤدي دورها في البيع والشراء، وفي الدورة الاقتصادية وفي دورة الحياة، حياة سورية نحو حاضر ومستقبل أفضل وأجمل.