بقلم منهل ابراهيم:
كعادتهم عند وصولهم للبيت الأبيض تسمع نغمة جديدة لكل منهم في صيغة نصيحة أو ثرثرة ديمقراطية جديدة تزيد في الطنبور نغماً فيضرب المرء أخماساً بأسداس وهو يشاهد الضـلال السياسي والعسكري الذي يرافق سلوكياتهم الحمقاء.
الرئيس الأميركي جو بايدن ورث عن سلفه دونالد ترامب ولايات لم تعد إن صحّ التعبير متحدة بل مفككة ومفتوحة على سيناريوهات كثيرة… لكنها متحدة في أمر واحد ومهم أكثر من ولاياتهم وما يحصل فيها وهو حفظ الإنجازات والقفز نحو إنجازات جديدة للحليف الصهيوني.
رؤساء أميركا يلهثون ولا يدخرون جهداً طوال سنوات حكمهم في دعم وتعزيز مكانة الحليف الإسرائيلي.. وإضرام نيران الفوضى لفرض مكانة لـ (إسرائيل) لتزداد قوة وتوسعية تحت ذرائع مواجهة الأخطار وحفظ المصالح في منطقة ليست منطقتهم وأراضي ليس لهم بها أي حق أو صلة.
طبعاً لا أحد يتوقع أن تتراجع الإدارة الجديدة بقيادة بايدن عن اتفاقات سلفه ولكن الأكيد أن ما حققه ترامب لـ (إسرائيل) يتجاوز كل ما تحقق لهذا الكيان الغاضب منذ نشأته.. وكل ما تحقق كان بفعل تسونامي الفوضى الذي تديره رياح واشنطن.
الفوضى العارمة التي خلقها تتار أميركا تنتقل كالعدوى ولن تكون الولايات المتحدة الأميركية في منأى منها وقد شاهدنا مظاهرها واضحة في الشوارع الأميركية في عهد ترامب.. واليوم لا يبدو المشهد أفضل من سابقه فالداخل الأميركي يغلي على وقع عثرات بايدن وقيادته لسفينة مثقوبة توشك على الغرق في بحار التناقضات والقرارات الخاطئة والسلوكيات العدوانية تجاه دول لا ترضخ لها.
الديمقراطية في العالم كما تريدها وتديرها واشنطن مصابة بمرض عضال.. ومن يدعى تطبيقها هو أول من يخرق قواعدها وينتهك سيادة الدول المستقلة كما يحصل بانتهاك الاحتلال الأميركي لأراض سورية ونهب ثرواتها وإثارة الفوضى فيها.
من المؤكد أن من سبقوا ترامب وبايدن لم يكونوا أكثر رأفة بهذا العالم أو أكثر احتراماً والتزاماً بالعدالة الدولية وبحق الشعوب في تقرير المصير والمتأمل في المشهد الدولي من فلسطين إلى سورية والعراق ولبنان واليمن ومالي والصومال وأفغانستان يدرك عمق الأخطاء الأميركية ودورها في تدمير المجتمعات وتخريب الأوطان وانتهاك حرمة وإنسانية الشعوب.
سقوط السياسات الأميركية المدوي ونغمة (الديمقراطية العريقة المحصنة) يعكس جملة من الحقائق وأولها أن الديمقراطية التي يحملون رايتها في العالم مريضة وأن (القوة الأولى) في العالم كما تحسب نفسها أميركا ليست بمنأى عن كل الأمراض والعلل التي لوثت بها المشهد العالمي في أكثر من بلد.. ويبدو أن بضاعتهم الفاسدة ترد إليهم بالتقسيط.. وربما دفعة واحدة.