الثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
بكثير من الحب والشغف تابع الجمهور مساء أمس أمسية أحياها كورال “دير سيريتنسكسي” في قاعة كنيسة الصليب المقدس بالتعاون مع المركز الثقافي الروسي في دمشق، الكورال الروسي الذي تفاعل معه الحضور إلى درجة كبيرة سعى عبر الأمسية إلى التنويع بين تقديم التراتيل والأغاني الشعبية القديمة والأغاني الروسية العالمية، فحلّق مع أصوات أفراده الذين شَدُوا بملء الإحساس وعمق الروح، وكأنما الأرض تسمو إلى السماء، ما أضفى أجواء من الدفء لدرجة أن الحضور كان يصفق بحرارة بعد كل مقطوعة ما جعل الكورال يقف ليحييه في كل مرة يصفق فيها، وامتد التصفيق ليرافق بعض الأغاني بتناغم عالٍ ما أشعل المسرح حماساً وألقاً، وقد اختار الكورال الذهاب نحو الأصعب في الأداء من خلال الهارموني في توزيع الأصوات وبما أنه (كورال رجال فقط) فقد اعتمد بشكل أساسي في التوزيع على صوتي الباص والتينور، وتحوّل في أحيان إلى أصوات موسيقا بشرية.
قدّم الكورال في القسم الأول من الأمسية ست تراتيل قام بأدائها بشكل جماعي هي (القوة الحاضرة للسماء ، كايري أليسون، المجد لله في الأعالي، والدة الإله البتول ابتهجي، امدحوا اسم الرب) إضافة إلى ترتيلة للعذراء مريم قدمها باللغة اليونانية، أدى بعدها مجموعة من الأغاني الروسية المُشبعة بالروح والنابضة بالحياة، فقدم الأغنية الأولى (أه هذا ليس المساء) بشكل كورال جماعي، في حين قُدمت الأغاني الأخرى بإطار غناء مفرد (صولو) بمرافقة الكورال، فغنى ميخائيل ميلر مع الجوقة (لوبا أيها الاخوة لوبا) و (على طول بيترسكايا) ، أما فاديم زاريكوف فغنى (على تلال الإنسان) والتي رافقه فيها الكورال بأصوات موسيقا بشرية والأغنية فالس روسي قديم تعود إلى بداية القرن العشرين، وأدى ايفان ليونوف (كالينكا) وأغنية (كاتيوشا) المعروفة على مستوى العالم، وختم الكورال الأمسية بترتيلة (معنا هو الله).
أعرب قائد الكورال (نيكون زيلا) في تصريح خاصة عن عمق سروره لأنهم في دمشق، وحول آلية توزيع الأصوات ضمن الكورال أكد أن للكورال تنسيقاً كلاسيكياً بحيث يشارك جميع أفراده في الأداء فكلهم موسيقيون موهوبون ومعظمهم يمتلك القدرة على الأداء بشكل فردي ضمن الجوقة الكورالية، أما عن تفاعل الجمهور فقال: (تفاجأنا وتأثرنا كثيراً بإقبال الجمهور على الأمسية ومدى تفاعله معها، ونشعر بفرح كبير لأننا استطعنا أن نتخاطب معه من خلال الموسيقا، خاصة أن الجزء الأكبر منه كان من الجيل الشاب)، وعن الاختلاف بين ما قدموه في هذه الأمسية وما سيقدمونه مساء اليوم في الأمسية التي سيحيونها في دار الأسد للثقافة والفنون أشار إلى أن الجزء الخاص بالتراتيل سيكون أقل في أمسية دار الأسد وستكون معظم الأغاني شعبية وعالمية.
أما نيكولاي سوخوف مدير المركز الثقافي الروسي في دمشق فتحدث عن أهمية التواصل الثقافي بين سورية وروسيا، قال: (نسعى إلى تقوية العلاقات الثقافية والروحية بين الشعبين السوري والروسي، وتعتبر زيارة الكورال حلقة من ضمن سلسلة إجراءات تستهدف تعزيز هذه العلاقات) وأكد أن كورال دير سيريتنسكسي مشهور عالمياً وجال في العديد من دول العالم وهو يزور سورية للمرة الأولى، وحول المعرض المرافق للكورال والذي يقام في قاعة كنسية الصليب أشار إلى أنه برنامج إضافي ثقافي لتعريف الجمهور بتاريخ المسيحية في روسيا، ويقدم المعرض صوراً قديمة لقديسين وأديرة تبدو بشكلها المعماري كالقلاع من الخارج وفي داخلها الكنائس، وتعود إلى الفترة الواقعة بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر.
يُذكر أنه تبع الأمسية افتتاح معرض بعنوان (الأديرة والرهبنة في روسيا) وضم رسومات من مجموعة المتحف الحكومي لتاريخ الدين (سانت بطرسبرغ) وبلغ عدد الرسومات (38) صورة تمثل أديرة وكنائس قديمة في روسيا. وضمن هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى أن (كورال دير سيريتنسكسي) يحيي عند الساعة الثامنة من مساء اليوم أمسية على مسرح الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون بالتعاون مع المركز الثقافي الروسي في دمشق.