يمارس العديد من الأطفال سلوكاً عدوانياً تجاه أقرانهم، وهذا يعزى إلى العديد من الأسباب المتشابكة التي تتباين بين الأسرية والمجتمعية، وقد يتخذ هذا السلوك العدواني العديد من الأشكال، بدءا من الإساءة اللفظية والمعنوية (الشتم والسب والتهكم)، وليس انتهاء بالإساءة الجسدية (الضرب والعراك).
وهذا السلوك العدواني الذي بات يطبع الكثير من أبنائنا يندرج تحت عنوان (التنمّر) الذي غالباً ما ينتشر بين التلاميذ والطلاب، والذي يعرف بأنه ظاهرة عدوانيّة تنطوي على مُمارسة العنف والسلوك العدواني من قبل فردٍ أو مجموعة أفراد نحو غيرهم، وبشكل متكرر.
إن لجوء الطفل إلى التنمر هو بالغالب نتيجة لعدة أسباب، أبرزها الخلافات والصراعات الأسرية، أو تعرضه للعنف الأسري، أو إهمال الأهل له وهو الأمر الذي يدفعه في الغالب إلى اللجوء للعنف نتيجة افتقاده للحب والحنان ودور الأبوين الحقيقي.
هناك العديد من الإشارات والعلامات التي قد يلاحظها الأهل أو المعلّمين والتي تدلّهم على أن هذا الطفل أو ذاك يتعرّض للتنمّر، والتي تساعدهم على اتخاذ الخطوات المناسبة لعلاج الأمر، منها تراجع تحصيله الدراسي، ونزوعه إلى الجلوس والانفراد وحيداً، أو استبعاده من مجموعات اللعب والصداقة في المدرسة، وشعوره بالخوف وعدم الأمان في المدرسة، وعدم الاستعداد للمشاركة الصفيّة، وتعرّضه لاستهزاء وسخرية الآخرين، أو التغيّر في أنماط نومه والأكل، والدموع المتكرّرة، أو وجود الكدمات غير المبرّرة والخدوش.
إن معالجة السلوك العدواني للطفل المتنمر يكون من خلال تعزيز ثقته بنفسه ومعالجة كل أسباب هذه العدوانية، وهذا يكون بداية من خلال خلق بيئة أسرية مناسبة يسودها الهدوء والحب والأمان والحوار المتبادل، كما أن العمل على نزع الشحنات والطاقات السلبية من الطفل يعد من الأمور الأساسية لاحتواء عدوانيته وتنمره، وهذا يكون من خلال انخراطه في بعض أنواع الرياضات التي تريحه كالسباحة وكرة القدم.
عين المجتمع -فردوس دياب