من بين الإجراءات الاقتصادية الحمائية التي يتم اللجوء إليها لضبط وإعادة التوازن للنشاط الاقتصادي يتم اتخاذ قرارات من حين لآخر بترشيد استيراد سلع ومنتجات منها ما يكون له مثيل في الإنتاج المحلي ومنها ما يكون ثانوياً بحيث يمكن الاستغناء عنه لعدة أشهر مثلاً بما لا يؤثر على حجم الطلب عليه في الأسواق المحلية، ويكون الهدف العام أحياناً ترشيد استهلاك القطع الأجنبي المخصص للاستيراد بحيث يتم توجيهه إلى دعم وتمويل استيراد سلع أكثر أهمية مثل المواد الغذائية والمحروقات على سبيل المثال.
لكن في أحيان كثيرة وهذا ما يحصل غالباً، يلجأ البعض إلى استغلال هذا الإجراء وخاصة من الموردين والتجار، للتلاعب بالأسواق واحتكار بعض السلع التي تم (ترشيد استيرادها) بشكل مؤقت ليمارسوا سلطتهم في التحكم بالأسواق وطرح ما لديهم من مواد مستوردة سابقاً بأسعار أعلى، وهذا ما حصل مؤخراً في أسواقنا المحلية لدى صدور قرار إيقاف استيراد بعض المنتجات.
هذا أمر اعتادت عليه أسواقنا المحلية بعد أن تراجعت قدرة الجهات المعنية في ضبط الاحتكار والتلاعب بالأسعار وخاصة لبعض السلع الأساسية، لكن يبقى السؤال الأهم هو عن دراسة توقيت إصدار مثل هذه القرارات خاصة أن أداء الأسواق المحلية لم يدلل على وجود نقص أو وفرة في بعض المواد التي تم ترشيد استيرادها في القرار الأخير وخاصة (الجوز، التمر، …)، وغيرها، ذلك أن هذا القرار استنهض همم بعض التجار والموردين وأعطاهم الذريعة في رفع أسعارهم بنسب كبيرة جداً وليس فقط للمواد الواردة في قرار إيقاف الاستيراد وإنما باقي السلع حيث إن رفع سلعة واحدة في السوق كفيل بأن يكون فاتحة لرفع أسعار باقي السلع بشكل يشبه تساقط حبات الدومينو دون أن يكون أحد قادر على الاعتراض أو حتى الاستفسار عن الأسباب.
إن الذهاب إلى مثل هذه الحلول الاقتصادية واتخاذ إجراءات من مثل هذا النوع كان يجب أن يسبقه توقعات بأن هذه الخطوات تعتبر بوابة واسعة لتمرير أطماع وجشع بعض التجار والمتحكمين ببعض السلع الأساسية في الأسواق المحلية، وأنه من شأنه زيادة الضغط على المستهلك الذي فشلت كل مساعيه في تدبير حياته المعيشية بعد أن تراجعت قدرات المعنيين في تحقيق التوازن في أسواقنا المحلية.
على الملأ-محمود ديبو