في كتابه (المكتبة في الليل)، يتحدث ألبرتو مانغويل عن أن الكتب كانت لها في أغلب الأحوال سلطة غير شرعية.
يورد الكثير من الأمثلة التي تتحدث عن أهمية المكتبة والكتب ابتداء من آشور بانيبال آخر الملوك الآشوريين المهمين، “كان مدركاً تماماً للرابطة بين الحاكم والكلمة المكتوبة”، إلى ذكره سؤال (ما هي أفضل هدية يمكن تقديمها للمجتمع؟ يتساءل واحدٌ من أشهر المحسنين، أندرو كارنيجي في عام 1890. “مكتبة مجانية تأتي في المقام الأول”، يقول مجيباً عن سؤاله بنفسه).
بدوره بورخيس اعتبر أن الجنة لا يمكن أن تكون شيئاً آخر غير المكتبة: “وأنا الذي تخيّلت دوماً الجنة مكتبة”..
ماذا عن الجنة الأرضية.. جنة “الآن وهنا”..؟
وكأن لا سلطة تُلحظ لخير جليس فيها.
حين انتشر خبر إغلاق مكتبة نوبل، لم يخطر لي إلا تشبيه المكتبات المتواجدة في أي مدينة بالرئة التي تتنفس عبرها هواء جديداً يصنع أفكاراً حيوية ومتجددة.
منذ سنوات، أغلقت دار اليقظة العربية التي كانت من أنشط الدور في المنطقة.. قبلها تم إغلاق مكتبة ميسلون الواقعة بالقرب من فندق الشام لتتحوّل حينها إلى مكتب لصرافة العملة.. وأيضا أغلقت مكتبة الزهراء.. واليوم نقرأ خبر إغلاق مكتبة نوبل الكائنة قبالة فندق الشام..
فإلى أي شيء سيتم تحويلها مجاراة لغول الاستهلاك..؟
بعد أن قاومت شبح الإغلاق سنوات عديدة، ها هو يتحول واقعاً..
فما مصير الكتاب لدينا..؟
وما هي العقلية التي تسعى إلى سدّ منافذ كل جديد فكرياً وثقافياً..؟
في روايته “اسم الوردة” يذكر أمبرتو إيكو: (الوظيفة المثالية لمكتبة هي أن تشبه قليلاً كشك تاجر كتب قديمة، مكان للقى النفيسة)..
ولطالما كانت نفائس الأفكار مخبّأة في الكتب..
ومع ذلك يبدو أن عقلية الاستهلاك تسعى إلى طمس أي نفيس ليحل مكانه أي إشباع لحظي وفوري.. ولا حاجة لتشغيل العقول والأدمغة بوسيلة الكتاب.
رؤية – لميس علي