الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
شهدت جمهورية روسيا الاتحادية في الأيام الماضية استحقاقاً دستورياً مهماً سيكون له تأثيراته الإيجابية على المستقبل السياسي المحلي والدولي.
أهمية الاستحقاق المتمثل بالانتخابات البرلمانية الروسية تأتي من أنه يشكل عملية ديمقراطية تميزت بالمشاركة الشعبية الكبيرة وبقناعة وثقة الناخبين بهذه المشاركة، إذ لم تسجل انتهاكات من شأنها أن تنعكس على النتائج وفق تأكيدات المراقبين الدوليين الذين حضروا الانتخابات.
واتسمت الانتخابات هذه المرة بإطلاق أسلوب التصويت الالكتروني عن بعد في سبعة أقاليم روسية، واستخدمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين وعمدة موسكو سيرغي سوبيانين ونحو مليوني ناخب بشكل عام، إضافة إلى أسلوب التصويت التقليدي بحضور الناخبين إلى مراكز الاقتراع البالغ عددها 96 ألفاً في عموم روسيا و348 مركزاً في 144 بلداً أجنبياً والإدلاء بأصواتهم هناك.
وزود نحو 97 بالمئة من مراكز الاقتراع في عموم روسيا بأجهزة رقابة وكاميرات فيديو تعمل دون انقطاع للتأكد من سلامة سير العملية الانتخابية تحت إشراف مراقبين عن جميع المرشحين والأحزاب المشاركة.
الملفت أيضاً أن نتائج الانتخابات أكدت فوز مجموعة الأحزاب البرلمانية الكبيرة التي تتألف من أربعة أحزاب أثبتت حضورها التاريخي في مجلس الدوما على مدى السنوات العشر الأخيرة، ويأتي في طليعتها حزب روسيا الموحدة الحاكم يليه الحزب الشيوعي والحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب روسيا العادلة و حزب الجيل الجديد الذي تخطى حاجز الخمسة بالمئة من أصوات الناخبين الفعليين ليتمثل رسمياً في المجلس القادم.
ورغم كل ذلك لم ينقطع التدخل الغربي بهذه الانتخابات وبالشؤون الداخلية الروسية عبر وسائل الإعلام والاتصال ومواقع البحث الالكتروني والشابكة، حيث لم تكف الحكومات الغربية عن التشكيك بنزاهة الانتخابات الروسية ونجاحها كمحاولة للضغط على السياسة الروسية الدولية التي تلقى نجاحاً كبيراً على الصعيد الدولي.
في المقابل أشار المراقبون الدوليون الذين حضروا الانتخابات وتجاوز عددهم 250 مراقباً من 55 بلداً في العالم وممثلو عدة منظمات دولية إلى أن الانتخابات جرت بصورة ديمقراطية وشفافة دون أي شوائب وخروقات جدية تشكك في شرعيتها ومصداقيتها على خلاف المصادر الغربية التي أنكرت ذلك، حيث كانت الاتهامات الغربية غير منطقية وغير مؤكدة، وقد تم التدخل بها عبر عدة هجمات الكترونية على الموقع الالكتروني للجنة المركزية للانتخابات الروسية، ولكن منظومة التصويت الالكتروني صمدت ولم تتأثر بهذه الهجمات.
ولم يشر المراقبون الدوليون الذين شاركوا في المراقبة على هذه الانتخابات إلى أي انتهاكات، وهو ما يدحض المزاعم والادعاءات الغربية بخلاف ذلك ويدل على أنها اتهامات سياسية محضة وأن التشكيك في شفافية الانتخابات الروسية أمر غير مقبول.
لقد فشل التدخل الغربي بالشؤون الداخلية الروسية، كما فشل في السابق في قضايا عديدة داخلية وخارجية لا سيما على صعيد السياسة الخارجية التي تشكل تهديداً للسياسات الغربية وخصوصاً الأميركية.
إن نجاح العملية الانتخابية في روسيا يؤكد قوة ورسوخ الدولة الروسية، والقدرة على التحضير الجيد لها من قبل اللجنة المركزية الناظمة للعملية الانتخابية، وعدم التأثر بالحملات الغربية التي سعت لتشويه صورتها مبكراً، وقد شكل الإقبال على صناديق الاقتراع رداً حاسماً على التدخل الغربي بالانتخابات وأكد رفض الناخبين الروس نفاق وسائل الإعلام الغربية التي تشكك بشفافية العملية الانتخابية، وأعطت المشاركة بالانتخابات دلائل مهمة على أن روسيا من البلدان الرائدة على مستوى العالم وأنها تواصل مساعيها الحقيقية لحفظ الأمن الدولي وتحقيق مستقبل أفضل للبشرية.
لقد جرت الانتخابات البرلمانية الروسية بصورة ناجحة وفق المعايير الديمقراطية وعكست بصدق إرادة المواطنين في روسيا الاتحادية، وستفرز برلماناً يواصل دعمه للسياسة الروسية الساعية لإحلال الأمن والاستقرار في العالم.
لا شك أن دافع المواطنين الروس في الإقبال على التصويت ينبع من الثقة بالقيادة الروسية والإيمان بأنه من الضروري فعل أي شيء للنهوض بروسيا وتحصينها من الداخل كي تكون فاعلة خدمة السلام والاستقرار على مستوى العالم.
لقد فضح التدخل الغربي بالانتخابات الروسية السياسات الغربية وكشف زيف ادعاءات الحكومات الغربية الكاذبة بخصوص الديمقراطية والحفاظ على سلامة البلدان وشعوبها، وما هجومها الالكتروني على الانتخابات الروسية إلا مجرد استكمال لسياسات الضغط التي يمارسها الغرب وأميركا على روسيا للتأثير على سياستها الفاعلة في العديد من القضايا الدولية، وإثارة الفوضى داخل روسيا كي تتخلى عن دورها الفاعل، في الوقت الذي تشهد سياسات أميركا والغرب انتكاسات عديدة في بقاع مختلفة من العالم وهو ما يجعل من الحضور الروسي الايجابي ضرورياً لإصلاح الخراب الذي أحدثته السياسات الغربية.