فجأة ودون سابق إنذار اختفى الدخان الوطني من على واجهات الأكشاك ورفوف المحلات، إلا أن البعض استمر ببيعه لكن من تحت الطاولة وبسعر مضاعف.
ولدى محاولة تلمس الأسباب التي أدت إلى فقدان الدخان الوطني بهذا الشكل، تبين أنه تم إيقاف توزيعه ومنذ أسبوعين تقريباً بانتظار أن يتم الاستقرار على المعتمد الرئيسي الذي يوزع الدخان لكل المحافظات، هذا ما يتداوله عدد من باعة وموزعي الدخان، الذين قالوا إن عقد المعتمد الحالي قد انتهى أو قد يكون هناك إشكال ما بين المؤسسة العامة للتبغ والمعتمد ويتم تسوية أوضاع العقد، أو البحث عن معتمد جديد..
وإن كان هذا هو السبب المباشر فإن الأمر يدعو للتساؤل عمن يتحمل النتائج التي ترتبت على فقدان الدخان الوطني، حيث أنه ليس فقط ارتفع سعره بالسوق السوداء وبات يباع بشكل مستور، وإنما أيضاً ساق معه أسعار الدخان الأجنبي التي تضاعفت هي الأخرى بسبب فقدان الوطني، واضطرار المستهلكين لشراء الدخان الأجنبي المستورد.
ولعل السؤال الأهم ألم يكن من الضروري الأخذ بالحسبان أن تكون حلولاً بديلة بحيث لا ينقطع الدخان الوطني عن الأسواق، علماً أنه متوفر بالمؤسسة ولا يوجد نقص فيه، وبما يمنع أي حالة احتكار أو تلاعب أو استغلال كما نشهد اليوم من باعة وموزعي الدخان وغيرهم.
وإلى متى سيبقى المستهلك يتحمل أوزار عدم الشعور به من قبل المعنيين، وتقع عليه كل أشكال الاستغلال والتحكم باحتياجاته اليومية، لقاء تحقيق البعض لمكاسب غير مشروعة يجنوها بسبب بعض القرارات الخاطئة التي تتخذ من هذه الجهة أو تلك، والتي تدفع باتجاه إنعاش الأسواق السوداء وتحريك الأسعار صعوداً دون أي رادع من ضمير أو رقابة أو حتى خوف من عقوبات القانون 8 التي لطالما تغنى بها المعنيون في مديريات التموين بأنهم يطبقونها على المخالفين.
إن مثل هذه الحالة التي تتكرر من حين لآخر تدعونا للوقوف عند بعض الآليات التي تحتاج إلى إعادة نظر، بحيث لا تكون هي البوابة التي يدخل منها الفساد والذريعة التي تعطي المستغلين والمحتكرين شرعية لا جدال فيها بأن يفرضوا الأسعار التي تحلو لهم بعيداً عن كل الأدوات والآليات والنصوص القانونية التي تمتلكها جهات الرقابة، وكذلك مؤسسة التبغ التي كان من المفروض أن تتنبه إلى ما سيحصل في سوق الدخان.
حديث الناس – محمود ديبو