الليكساس وشجرة الزيتون

سباق محموم نحو الثراء الوهمي الفاحش يخوضه الكثيرون ممن ظنوا ان الفرصة مواتية لالتهام لحوم أخوتهم في أثناء الحرب وبعدها، ليس في سورية وحدها إنما في العالم الذي مازال يعيش وهم التضليل الغربي له، أن الثروات تعني الدولارات والذهب والطائرات والسفن والسلاح وحتى العقارات، حمى هذا الجنون تزداد يوماً تلو الآخر.

والغريب في الأمر أن أحداً ممن يخوضون غمار هذا المستنقع لم يقف يوماً ما عند السؤال التالي: لماذا عمل الاستعمار الغربي على احتلال أرضنا منذ قرنين ونيف، هل أراد أن يستولي مثلا على صناعة الطائرات والمحركات والمفاعلات النووية التي نمتلكها، وهي ليست عنده؟، هل أراد نابيلون أن يغتنم مدافع مصر، وفرنسا مدرعات الجزائر، مع أنها لم تكن موجودة؟ أليست الأرض ومقدراتها من ثروات أولها: ما تنتجه من قمح وحبوب وثروات أخرى تأتي في المرتبة الثالثة أو الرابعة؟.

ببساطة: امتلك ما شئت من طائرات، من عمارات، سفن، مليارات الدولار، كدس ما تريد في بنوك الغرب حتى غامر في بورصات العالم كله، هذه اسمها ثروات، ولكنها ليست بالفعل كذلك، بقرار سياسي غربي تفقدها، تصادر لأنها بلا جذور، بلا تراب، بلا وطن، بلا هوية، بلا انتماء، هل نذكركم بأثرياء ظنوا أن الدنيا تزول وتبقى عقاراتهم وثرواتهم ودولاراتهم لكن قراراً واحداً ممن يدير رؤوس المال الوهمية هذه جعل كل شيء في مهب الريح، لأنها ثروات السراب ..

اليوم، نحن في سورية، كنا وسنبقى أغنى شعوب الأرض بما نملكه من أرض وثروات طبيعية حقيقية، لكن للأسف سأقول بكل صوت عال وليغضب من يغضب، فالوطن باقٍ ومن يغضب زائل: نحن نحرق أرضنا، شجرنا بيتنا، هل تنبهتم إلى المرحلة الجديدة في الحرب علينا؟.

لم يعد عدوك يريد مواجهتك في الميدان لأنه خسر المواجهة، وأيقن أنه مهزوم مهزوم، لكنه لم يستسلم، لجأ إلى حرق الغابات والحقول، أخفق أيضا، وبخبث ما بعده خبث نجح بخطته الجديدة: عليكم أن تحرقوا بساتينكم، أشجارك، أن تدمروا كل شيء ملككم ومن أرضكم بأيديكم ، هي لكم، انتم أحرار _ هكذا يصور_ أحرار في أن تجتث شجرة زيتون معمرة، وتقطع التين والزيتون، أنت فقير ومحتاج، تريد دفئاً في الشتاء، تريد ملابس لأبنائك، تريد دواء، ألا ترى أن أرضك في وادٍ سحيق لايمكن الوصول إليها، لماذا تتعب، خذ هذه الدولارات واقطع، احرق، تنعم بالمال، ونجحت الخطة بالكثير، وها نحن نطعن جسد الوطن، نحرق تاريخ الآباء والأجداد، نغتال غد أبنائنا، نفعل ذلك بأيدينا، وهناك من يدفع لنا ويصفق: احسنتم، إنها الأرض اليباب، اليباب؟.

ولكن السؤال المر: لماذا تنشغل مؤسساتنا بالعابر، وتترك التجذر بالأرض، مشاريع عقارية وتطوير مدن، وإهمال لكل ما يشدك إلى أرضك وتراب وطنك، كلفة ربع مشروع عقاري تكفي لشق الطرق، لبناء سدات مائية، تكفي وتكفي..

تعلموا من أقوى دول العالم، الولايات المتحدة: هل رأيتم كيف تعمل على الاستثمار الأول في الزراعة، مجلس القمح العالمي الذي يدير مقدرات الدنيا ولايبادل حقل قمح بكل ترسانات السلاح أو سبائك الذهب ..

تذكروا كتاب توماس فريدمان (الليكساس وشجرة الزيتون) هل قرأتموه؟ الليكساس فخر صناعة اليابان، لكنها كما يقول مهما كانت فليست إلا حديداً يتحول بلحظة لحطام، ليست جذورا ولا انتماء، شجرة الزيتون (معناها الواسع كل الشجر) هي الهوية، والانتماء، كدس ما شئت من ثراء، لقمة خبز واحدة تعادلها حين الجوع، نريد زيتوننا و شجرنا، أرضنا، وعذرا من نزار قباني (كل زيتونة ستنجب حقلاً ومحال أن ينتهي الزيتون).

نعم، الليمون ظل الزيتون وزيتوننا هو الدهر والهوية.

معا على الطريق – ديب علي حسن

آخر الأخبار
مخبز بلدة السهوة.. أعطاله متكررة والخبز السياحي يرهق الأهالي عودة الحركة السياحية إلى بصرى الشام خبير اقتصادي لـ"الثورة": "الذهنية العائلية" و"عدم التكافؤ" تواجه الشركات المساهمة اشتباكات حدودية وتهديدات متبادلة بين الهند وباكستان الرئيس الشرع يلتقي وزير الزراعة الشيباني أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات يسهم بتحويل سوريا إلى شريك قوي في السلام والازدهار والاقتصاد ... "الصحة العالمية" تدعم القطاع الصحي في طرطوس طرطوس.. نشاط فني توعوي لمركز الميناء الصحي  صناعتنا المهاجرة خسارة كبيرة.. هل تعود الأدمغة والخبرات؟ ترجيحات بزيادة الإمدادات.. وأسعار النفط العالمية تتجه لتسجيل خسارة تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا