بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
ليست لديهم أي مشكلة برمي حلفائهم خلف ظهورهم إن استدعت مصالحهم ذلك، فالقصة ليست بالتخلي عن الأدوات الرخيصة كما كان الحال في أفغانستان منذ أسابيع، ولاحقاً مع “قسد” في سورية كما تشير كل التسريبات والتحليلات عن لفظ الأدوات بعد استعمالها، بل القصة التخلي حتى عن الحلفاء والأصدقاء الذين نهبوا العالم كله “بمعيتهم” ومساعدتهم، وغزوا دوله وشعوبه بقواتهم المشتركة وحاملات طائراتهم المؤازرة.
هذا هو حال أميركا وحكامها ومالكو شركاتها الاحتكارية، فلا حرج من إظهار العداوة حتى مع بعض أعضاء حلف “الناتو” كما حدث مع فرنسا مؤخراً، بل ليس هناك أي حرج من تفكيك الحلف ذاته إن اقتضت الضرورة والمصلحة الأميركية العمياء ذلك، وما تشكيل حلف (UKUS) الأخير مع بريطانيا وأستراليا إلا الشاهد والدليل.
ليس هناك أي حرج أمام الرؤوس الصهيونية الحامية في واشنطن حين تنسق مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون لعقد شراكة دفاعية جديدة مع دولتيهما، وليناصبوا ربما العداء مع حلفاء لهم على مدى عشرات السنين.
ليس هناك أي حرج ممن غزوا العالم وشردوا شعوبه وقتلوا ملايين الأبرياء بأسلحتهم الفتاكة، وخلفوا وراء ظهورهم ملايين الضحايا والمهجرين والجوعى، أن ينشروا المزيد من الأسلحة النووية في العالم ويستفزوا الصين ويروجوا لعهود من الحرب الباردة الجديدة، حين تستدعي رياح جشعهم ونهمهم ذلك، وما تزويد أستراليا بغواصات جديدة تعمل بالطاقة النووية، وتوتير الأجواء مع الصين وتسخينها في المحيطين الهندي والهادئ إلا الشاهد الآخر.
فتجار الحروب ومثيرو الأزمات وناشرو الفوضى الهدامة لا يهمهم الحلفاء والأدوات بل مصالحهم وتحقيق أجنداتهم الاستعمارية، ولا تهمهم التداعيات الاستراتيجية الخطيرة التي قد تعصف بالعالم، ولا سباق التسلح الجديد الذي سيضر بالبشرية على حساب تنميتها وازدهارها، ولا يهمهم إن قالت حليفتهم باريس بأن خطوة إلغاء أستراليا عقداً ضخماً لشراء غواصات من فرنسا واستبدالها بغواصات نووية أميركية كانت (طعنة بالظهر).. ما يهمهم فقط جيوبهم وكم من الأموال سيجنونها حتى ولو كانت على حساب دماء الشعوب وأرواحها، بل حتى إن كانت على حساب جيوب الحلفاء والأصدقاء والأدوات، فهل وصلت الرسالة لمن طأطأ رأسه لأميركا قرناً من الزمن فأكلته لحماً ورمته عظماً؟!.