لم يعد مقنعاً اليوم الكثير من المشاهد غير المألوفة التي بتنا نشهدها مع عودة الطلاب إلى المدارس وبدء مواسم الدراسة، وهي تحتاج إلى معالجة حتى لا تتحول إلى ظواهر مرضية كغيرها من باقي المظاهر التي اقتحمت مجتمعاتنا خلال سنوات الحرب على سورية وشوهت الكثير من المفاهيم والقيم العامة.
ومن تلك المشاهد المؤذية للعين وللمجتمع أن نجد عشرات الطلاب خارج مدارسهم أثناء الدوام الرسمي فبعضهم يقصد الحدائق العامة وآخرون تجدهم في المطاعم الشعبية يتناولون وجبة الفطور وغير ذلك، ولعل ما دعا إلى مثل هذا التحذير هو أن هؤلاء يعدون بالعشرات إذ إنها ليست ظاهرة فردية لطالب أو طالبين، وإنما العشرات منهم تجدهم في الشوارع والحدائق والأماكن العامة الأمر الذي يدفع بالسؤال عن اهتمام إدارات المدارس بغياب الطلاب وحضورهم ومدى تواصلهم مع الأهالي لإخبارهم بانقطاع أبنائهم عن الدوام، وهي مسؤولية تربوية وأخلاقية قبل أن تكون مسؤولية تعليمية لإدارات المدارس والمعنيين فيها.
وإن كانت المدارس غير قادرة على ضبط مثل هذه الحالات ربما لغياب أهل الطالب أو سفر أحد أبويه أو غير ذلك، فلا ضير من أن تكون هناك جهات تساعد المدارس في متابعة هؤلاء الطلاب خارج المدرسة بحيث تتم متابعتهم وتوقيفهم وإعادتهم إلى مدارسهم مع إعلام الأهل أو أولياء الأمور.
إن ترك هذه المشاهد تتكرر أمام أعين الجميع صغاراً وكباراً ودون أي تحرك من قبل المعنيين في التربية يعطي رسائل غير مباشرة إلى المجتمع بعدم اكتراث القائمين على العملية التربوية بمثل هذه الظاهرة، الأمر الذي يرفع من منسوب القلق لدى الأهالي على أبنائهم فقد يتأثرون بغيرهم ويسيرون على دروب هؤلاء الذين لا يجدون من يضبط سلوكهم.
إن شباب اليوم هم عدة مستقبل البلاد وأملها وعلى مختلف المؤسسات التربوية والتعليمية والإدارية أن تتعاون للتخفيف من العوامل التي تساعد على انحراف سلوك الشباب والسعي لتقويم أي خطأ قبل أن تتسع دائرته ويصبح قاعدة عامة بعد أن كان استثناء.
ولعلنا اليوم نؤكد من جديد على ضرورة الانتباه إلى مثل هذه القضايا التي باتت تشغل بال المجتمع، وأن تلتفت وزارة التربية وتتعاون مع جهات داعمة، لإنهاء هذه المشاهد، فقد يكون من المهم توقيع مذكرات تفاهم ولقاء وفود وأخذ الصور التذكارية لجولات تفقدية محضرة بشكل مسبق، لكن من الأهم الانتباه إلى مواضع الخلل قبل تجميل الواقع ومحاولة تغطية نقاط الضعف فيه.
على الملأ – محمود ديبو