الثورة أون لاين – د. مازن سليم خضور:
جريمة هزت المجتمع السوري بالرغم من حجم الجرائم الأخرى ليس لشيء سوى لأن هذه الجريمة قد تم تصويرها وعرضها وبثها..!.
جريمة هزت المجتمع لأن القانون ينفذه كل شخص وفق حكمه ورأيه فأصبح كل فرد هو المحقق والقاضي وجهة تنفيذ الحكم بنفس الوقت.
جريمة هزت المجتمع السوري لأن البعض كان شاهداً لكنه لم ير شيئاً.
جريمة هزت المجتمع لأن البعض كان يصور وكان يدعي الرب أن تنفجر القنبلة لأنه سيملك الفيديو الأهم في ذلك اليوم وبالتالي “اللايكات والشيريات والكومنتات”.
جريمة هزت المجتمع السوري لأن الجميع أصبح المحقق “كونان” وكال الاتهامات وفي نفس الوقت أصدر الأحكام.
جريمة هزت المجتمع لأنه بالرغم من هول المشهد إلا أن منظر الأخ يتجاوز الطوق الأمني ليفدي أخاه بدمه ليتوفى الاثنان ضمن مأساة تدل على حجم الكارثة التي نعيشها.
لسنا بوارد إطلاق الأحكام ولا الاتهامات ولكن هناك سؤال يطرح: لماذا حصل ويحصل هذا؟..
لن نمل الحديث عن موضوع الجرائم التي تحصل هذه الفترة في بلدنا لطالما تحدثنا ونتحدث وسنتحدث عن مشكلة أصبحت تشكل هاجساً يؤرق المعنيين بالوضع الاجتماعي لاسيما أن هذه الجرائم كما أشرنا تختلف عن الجرائم التي كنا نسمع بها بالمجتمع السوري الابن يقتل أباه وأمه والأخ يقتل أخاه ولا أمان للجدة من حفيدها ولا لأخت من أخيها وأمها ولا لابن من أبيه ولا لجار من جاره وهو دليل على مدى الخطر الشديد الذي طوق المنظومة الأخلاقية للمجتمع، و بات يهدد الرهان الوحيد المتبقي على الصمود “الاسرة” !
هي واحدة من سلسلة جرائم نشرت تفاصيلها على صفحة وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية https://t.me/syrianmoi وما خفي كان أعظم.
– قتل شقيقه ببندقية صيد بسبب خلافات عائلية.
– طفلة تعرضت للتعذيب على يد زوجة والدها.
– أخ يقتل شقيقه بالتعاون مع ابن عمه وخاله خنقاً.
– قتلا صديقهم بواسطة حبل ورمياه ببئر.
– قتلت حفيد زوجها البالغ من العمر سنتين ونصف انتقاماً من ضرتها.
– أقدم على قتل زوجة أبيه وإحراق المنزل.
– قام بقتل شقيقه وتشريد زوجة أخيه المغدور بسبب خلاف على سقاية الأراضي.
-أقدمت على سرقة زوجها بالاشتراك مع شقيقتها.
من خلال هذه الأحداث “وهي عينة” نلاحظ أن الأسرة السورية في ظل الحرب دفعت القسم الأكبر من ضريبة هذه المرحلة، وطالها الشرخ الأكبر من تبعات هذه الحرب، لتفقد “الأسرة” دورها الأبرز في الضبط الاجتماعي والأخلاقي كضامن أول لتماسك المجتمع، ولاحظنا ارتفاع معدلات الجريمة بين أفرادها، حتى بتنا نشاهد جرائم لم تكن مألوفة كانت الأسرة السورية قد شكلت الدرع الأول في مواجهتها، لكنها باتت اليوم للأسف أحد عناوينها الأساسية وهو ناقوس خطر كبير بحجم مجتمع للدلالة على مدى التفكك الأخلاقي الذي بات يهدد الحاضر و المستقبل في البلاد.
ومهما اختلفت مفاهيم الأسرة بين المجتمعات إلا أن مفهوم الأسرة العربية والسورية على وجه الخصوص له تكوين وعلاقات خاصة ومختلفة لاسيما في فترة الحرب المعاشة منذ العام 2011 فمن الصعب أن تجد عائلة سورية لم تتأثر بهذه الحرب إما أنها فارقت فرداً من أفرادها لكون هذا الفرد قد توفى أو هاجر أو أصيب أو اختفى بل تجد عائلات نفس أفراد العائلة موزعين في عدد من المناطق والبلدان، وستجد مناطق لم يبق من مواطنيها أحد وقد هجرت لأسباب مختلفة ومن الأمثلة تهجير المواطنين من عفرين وريف اللاذقية الشمالي وتوطين مجموعات مختلفة وتوزيع ديمغرافي جديد، الأمر الذي له مخاطر كثيرة.
وفي استطلاع أجرته اليونسيف قبل فترة اعتبر الضرر النفسي وتأثيره على الصحة النفسية بنفس القدر من الخطورة كما الجروح الجسدية، وأن معظم السوريين الذين شملهم الاستطلاع، وبشكل شخصيّ، من النزوح أو الإصابة أو وفاة شخص عزيز.
فصلة الرحم في الأسرة السورية تقوم بناء على القيم والأعراف الاجتماعية، ومع اختلاف وتباين فئات المجتمع سواء المكانية والاجتماعية وتنوعها جعل مفهوم الأسرة يختلف ويتباين إلى حدٍ ما بين فئات المجتمع.
بعد طرح جميع هذه المواضيع يجب معالجة موضوع الجرائم الخاصة بالأسرة وطرق المعالجة والمكافحة لهذه الظواهر لاسيما أنها مركبة وبحاجة لتضافر الجهود والأبحاث وفي المقدمة الإرادة للحل وبالتالي التذكير بما تم طرحه سابقاً حيث يجب تضافر جميع الوزارات من جهة لإيجاد خطة عمل متكاملة في مواجهة الجريمة من جهة والتنسيق مع المؤسسات الدولية المعنية في هذا الاتجاه، وأن تبدأ وزارة الشؤون الاجتماعية مع الجهات المعنية بدراسة واسعة “اجتماعية – نفسية” لتقييم واقع المنظومة الاجتماعية والأخلاقية في البلاد، وفق قراءة أكاديمية تلحظ ارتفاع معدل الجريمة “شكلها، نوعها، أسبابها” وخارطة المرحلة العمرية لمرتكبيها والخروج بخطة عمل متكاملة تتضمن حتى مقترحات تعديل بعض القوانين الحالية وإنشاء مؤسسات وفرق عملية بالاشتراك مع وزارات أخرى بما يتناسب مع المتغير الخطير.. فوجهة الحرب الجديدة خطر يطال الأسرة السورية ويهدد المجتمع.
السابق