استوقفتني معلومة سمعتها من أحد الأشخاص ممن عاصر فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي مفادها أن الحالة التي نشهدها اليوم من غلاء أسعار المواد الأساسية أصعب من مثيلها في تلك الأيام، حيث قالها باختصار أن فقر اليوم أصعب بكثير من فقر تلك الأيام…
وجهة النظر هذه تتمثل في أن تلك الأيام وإن كانت تحمل فقراً قاسياً إلا أن المواد الغذائية الأساسية كانت متوفرة لدى الجميع من حبوب وزيوت وخضار وفواكه وخبز، أما اليوم وعلى الرغم من التطور الحضاري الذي فرضته السنون فهذه المواد متوفرة ولكن بأسعار مرتفعة مقارنة بالرواتب والأجور ولكن أليس لهذا الطرح تفسير منطقي؟…
الموضوع لا يتعلق بالدعم المقدم من قبل الدولة وبغض النظر عن وجود تقصير أم لا، وأيضاً والأسباب وراءه إلا أن الأسر السورية قديماً كانت منتجة ومجتهدة فلا يوجد أسرة تعيش في الريف إلا وتجتهد في تأمين حاجاتها الأساسية من العمل في الزراعة وتربية الحيوانات فكانت تؤمن غذاءها من عملها في حين كانت تحصل على مايلزمها من مواد من المقايضة وفي تلك الأيام لم يكن هناك دعم حكومي يذكر..
كذلك الأمر بالنسبة للأسر التي كانت تعيش في المدن فكانت تجتهد أيضاً في تأمين حاجتها من المواد والمؤمن على مدار العام حتى لو اضطرها الأمر للبحث في الأرياف القريبة وحتى البعيدة لتضمن حاجاتها بعيداً عن جشع التجار وتقلبات الأسواق والتي لم ولن تتوقف يوماً..
اليوم وعلى الرغم من الأسباب والدوافع التي كان من المفترض أن تدفع السوريين لتغيير عاداتهم الاستهلاكية، لم نجد من توجه للزراعة وتربية المواشي على الرغم من امتلاك الكثير للأراضي الصالحة للزراعة فأغلب التوجه للوظائف من باب راحة البال ناهيك أن العمل الزراعي وإن كان ليس احترافياً فهو صعب ويحتاج إلى مجهود كبير كثيرنا لا يقوى عليه وبالتالي فقد يتهمنا البعض أن هذا العرض تنظيري بامتياز..
بعيدا عن التنظير… أليس الجهد والتعب افضل من العوز والحاجة وانتظار الدعم الحكومي من قبل الدولة المرهقة بمواجهة نتائج الحرب والحصار…؟.
على الملأ- باسل معلا