مقياس الرضا أن تمنح نفسك متعة المغامرة المدروسة بعناية ،وأن تجعل من فصول العمل جزءاً من قياس السعادة، لأن ناتج الكد والتعب يعطيك مؤشر الراحة النفسية ،والتي بدورها سوف تمتص كلّ ذاك الإرهاق المضني الذي أصاب جسدك في رحلة عمل مفروضة بحكم الظروف وتبعاتها القاسية.
حين يتأمل الإنسان السوري أرضه أينما وجد عليها وزارها ، ويتحسس بخياله أبعاد تلك الأيام التي أفنى فيها و بها الآباء والأجداد شبابهم وهم يحفرون بين الصخور والوديان ليؤمنون حيازات متواضعة للزراعات الموسمية ويزرعون الأشجار المثمرة حسب طبيعة كلّ تربة وأرض، تدرك ذخيرة المستقبل للأبناء والأحفاد، كما تدرك إلى حدّ بعيد ،كم كانت إرادة هؤلاء الطيبون تتحدى جلافة الصخور وصعوبة المناخ ولاسيما في الأرياف والمناطق الجبلية البعيدة .
اليوم وبعد الهجرة المعاكسة من المدينة إلى الريف والرغبة في استثمار الأرض التي هجرها أهلها لوقت من الزمن ، أو تمّ تأجيرها للغير، غدت صورة العمل والفاعلين فيها أكثر وضوحاً. حيث القيمة المضافة تكمن بتلك الإرادة القادرة على الحضور في كلّ شبر من تراب الوطن، وقت الشدة وفي أحلك الظروف وأصعبها.
فالإنسان السوري لايدجن وعيه مهما حوصر، وسدت منافذ التفاؤل أمامه، وحيكت سردية الانتقام والاستسلام، لكن صبره وجلده ورؤيته الشاملة، كفيلة بترتيب الأولويات، وإبعاد كلّ ماتطفل على الوقت والزمن ،ومن سرقة خيرات وعطاءات الأرض السورية وأهلها.
عين المجتمع – غصون سليمان