الثورة أون لاين:
الألم مصدر الإبداع وكم من مرض وسقم فجر إبداعاً خالداً… اليوم ثمة إبداع عالمي جديد سمي ما بعد كورونا… ولكن ذلك ليس جديداً أبداً فكم من قصيدة خالدة وصفت المرض ولعل أشهرها قصيدة المتنبي الحمى التي تكاد تصف أعراض الكورونا.
عن قصة هذه القصيدة كتب قصة قصيدة (وزائرتي كأن بها حياء!).
( محمد حسين قائلاً:
أصيب المتنبي بالحمى وهو يستعد للرحيل عن أرض مصر، والخوض في متاهات الصحراء، مولياً وجهه لهجيرها وتقلبات أجوائها، ووطء الحمى التي تصهر جسده في شهر ذي الحجة (348هـ) وهي المرحلة التي أرخت لبداية نهاية اختلافه مع كافور الأخشيدي، بعد أن مل كل الوعود المؤملة الكاذبة، والتسويفات الوهمية، واستنفد كل أمل له في الحصول على ولاية أو إمارة. وقال في الحمى:
وَزَائِرَتي كَأنّ بهَا حَيَاءً
فَلَيسَ تَزُورُ إلاّ في الظّلامِ
بَذَلْتُ لهَا المَطَارِفَ وَالحَشَايَا
فَعَافَتْهَا وَبَاتَتْ في عِظامي
يَضِيقُ الجِلْدُ عَنْ نَفَسي وَعَنها
فَتُوسِعُهُ بِأنْوَاعِ السّقَامِ
إِذا ما فارَقَتني غَسَّلَتني
كَأَنّا عاكِفانِ عَلى حَرامِ
كأنّ الصّبْحَ يَطرُدُها فتَجرِي
مَدامِعُهَا بأرْبَعَةٍ سِجَامِ
أُرَاقِبُ وَقْتَهَا مِنْ غَيرِ شَوْقٍ
مُرَاقَبَةَ المَشُوقِ المُسْتَهَامِ
وَيَصْدُقُ وَعْدُهَا وَالصّدْقُ شر
إذا ألْقَاكَ في الكُرَبِ العِظامِ
أبِنْتَ الدّهْرِ عِندي كُل بِنْتٍ
فكَيفَ وَصَلْتِ أنتِ منَ الزّحامِ؟
جَرَحْتِ مُجَرَّحاً لم يَبقَ فيهِ
مَكانٌ للسّيُوفِ وَلا السّهَامِ
ألا يا لَيتَ شِعرَ يَدي أتُمْسِي
تَصَرَّفُ في عِنَانٍ أوْ زِمَامِ
وَهَلْ أرْمي هَوَايَ بِرَاقِصَاتٍ
مُحَلاّةِ المَقَاوِدِ باللُغَامِ
فَرُبَّتمَا شَفَيْتُ غَليلَ صَدْرِي
بسَيرٍ أوْ قَنَاةٍ أوْ حُسَامِ
وَضَاقَت خُطّةٌ فَخَلَصْتُ مِنها
خَلاصَ الخَمرِ من نَسجِ الفِدامِ