الثورة أون لاين – أيدا المولي:
ليست ذكرى ميلاده وليست ذكرى وفاته لكنه حنا مينا ,, الروائي الذي يجب أن لا يغيب عن الذاكرة الأدبية السورية لأنه ترجم تاريخا لمرحلة تمتد من إحساسه بالحياة وعشقه للمكان الذي تنفس فيه البحر عام 1939 بعد هجرته من لواء اسكندرونة حتى سنة وفاته 2018 عن عمر 94 عاما.
مرحلة غنية بالأحداث والوقائع تركت أثرها المباشر على” حنا “الإنسان بكل تفاصيلها .
فرقة القنديل الفنية في سلمية
أحيت فرقة القنديل الفنية في سلمية ذكرى الروائي السوري حنا مينا بدعوة من جمعية المسنين . ليس إحياء ذكرى وفاة أو ميلاد بل وفاء للروائي الذي أغنى الأدب وأغنى الدراما السورية في بداية انتعاشها الفني برواية “نهاية بطل شجاع ومسلسل المصابيح الزرق. وتحولت رواية” بقايا صور” والشمس في يوم غائم ” إلى أفلام سينمائية
هذا النشاط المسائي لم يكن على شكل محاضرة عادية بل كان تفاعليا ,بمعنى آخر شارك الجمهور تفاصيل المعلومات التي ألقاها نضال الماغوط محاضرا وعلى آلة العود صلاح عبود عازفا ومغنيا
لماذا ترافقت المعلومات مع الموسيقا?
يقول نضال: لا أرغب بإلقاء محاضرة منسوخة ومقتطفة من هنا وهناك بل أرغب أن تكون ممتعة للجمهور الحضور. الجمهور الذي لم يأت ليستمع او يشاهد المحاضر يقرأ عن ورق مرصوف على الطاولة بل تكلف عناء المجيء لأنه يرغب في إضافة شيء آخر إلى ما يعرفه أولا و ليستمتع بمسائية أدبية تروق له وتبقى في ذاكرته طويلا
يقول نضال أيضا : يرافقني على العود الفنان صلاح عبود الذي اختار أغاني تناسب المعلومة مضيفا: عندما أتحدث عن ولع حنا مينا بالبحر فإنه يكرس المعلومة بأغان عن البحر.
عندما أتحدث عن حب حنا مينا لأمه ماريا يكرس ذلك بأغان للأم , وهكذا عن الإنسانية والتفاؤل الذي لا يجب أن يضيع عن الأفق يرافقها أغنية : بكرا بيفرجها الله وهكذا إلى أن تترسخ في ذاكرة الجمهور المعلومة والإحساس بالمعلومة عبر اللحن والصوت ومساء القناديل .
ذكرى حنا مينا والبحر
كل شيء في الحياة معلم ومعلم حنا مينا البحر قال: (إن البحر كان دائماً مصدر إلهامي، حتى إن معظم أعمالي مبللة بمياه موجه الصاخب، وأسأل: هل قصدت ذلك متعمّدا؟ في الجواب أقول: في البدء لم أقصد شيئاً، لحمي سمك البحر، دمي ماؤه المالح، صراعي مع القروش كان صراع حياة, أما العواصف فقد نُقشت وشماً على جلدي إذا نادوا: يا بحر أجبت أنا! البحر أنا، فيه وُلدت، وفيه أرغب أن أموت.. تعرفون معنى أن يكون المرء بحّاراً?)
هل تتخيلون أن يعود حنا مينا اليوم ويتذكر ماقاله عن البحر .. ثم يفاجأ بعود يعزف وصوت يدندن : يابحر صبري صبر سفينة .. للمطرب سامي كمال ?
وداع بسيط وساعة من الزمن لا تكفي
رحلة من العمر ظن فيها حنا مينا أنه لن يموت بعد 94عاما من الحياة كاتبا وصيته التي نفذت بعد وفاته حيث لا حزن ولا تقاليد عزاء ولا مآس إعلامية قال في وصيته الأخيرة:
“لا حزن، لا بكاء، لا لباس أسود، لا للتعزيات، بأي شكل، ومن أي نوع، في البيت أو خارجه، ثم، وهذا هو الأهم، وأشدد: لا حفلة تأبين، فالذي سيقال بعد موتي، سمعته في حياتي، وهذه التأبين، وكما جرت العادات، منكرة، منفّرة، مسيئة إلي، أستغيث بكم جميعاً، أن تريحوا عظامي منها.”
ومع ذلك ياحنا مينا !
لا يمكن ان يمر اسمك دون أثر ولا يمكن أن تمر أمسية أدبية باسمك إلا وتمر مشاهد حياتك واحدة تلو الأخرى وكتابا بعد آخر وربما تشهد الدراما السورية أعمالا أخرى عبر التلفزيون والسينما تخلد ذكرى الأديب السوري وتبقيه حيا دون حفلات تأبين.