كما كل عام وفي هذه الفترة الزمنية التي يصادف فيها اليوم الوطني للبيئة في الأول من تشرين الثاني تكثف الجهات المعنية بموضوع البيئة، ولاسيما وزارة الإدارة المحلية والبيئة، إقامة العديد من الفعاليات والاحتفاليات، والأنشطة البيئية، والكثير من الأعمال التطوعية حول مجالات بيئية منها حملات تنظيف وتشجير وغيرها في محافظات ومناطق مختلفة.
وبدا لافتاً ضمن هذه الفعاليات هذا العام المبادرة التي أنجزتها قرية رأس الكتان في ريف محافظة طرطوس تحت عنوان ريفنا بلا نفايات عضوية بمشاركة المجتمع الأهلي في القرية، كمبادرة متكاملة تعد نموذجاً متميزاً للاهتمام بالبيئة وتعزيز الوعي المجتمعي بضرورة أن تكون البيئة من ضمن الأولويات بالعمل التشاركي الفاعل عبر أهداف واضحة تركز على البيئة الآمنة والنظيفة.
إذ إن أساس المبادرة العمل الميداني والتعاون وليس أقوالاً وشعارات تطلق لمجرد لفت الانتباه لأمر يعد غاية في الأهمية، وخاصة في الوقت الحالي حيث تعلو الأصوات وعلى مستويات عالمية للتنبيه بضرورة الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها، حيث التدهور البيئي في تزايد واضح لينذر بكوارث بيئية من شأنها إحداث كثير من الخسائر في واقع البيئة.
فالعديد من أسر القرية نفذت المبادرة بجدية العمل وبالروح المعنوية التي تركز على أن نجاح المبادرة والوصول للمطلوب سيعطي النتائج الإيجابية ويعكس واقعاً بيئياً أفضل للقرية وللجميع وليس لفرد دون آخر، ولتعطي هذه القرية النموذج الأصيل واللافت لسكانها ليس في مجال البيئة فقط بل في جوانب خدمية أخرى.
ومع مايلحظ من غياب واضح لخدمات متعددة في مجالات البيئة في مناطق مختلفة مدناً وريفاً وتقصير في عمل المعنيين بهذا الأمر، فهناك قرى تفتقد لأدنى المستويات الخدمية من بلدياتها التي تبدو وكأنها في واد آخر بعيد جداً عن الواقع البيئي والخدمي بشكل عام.
ولايمكن تجاهل أن الاهتمام بالبيئة والنظافة ليس مجرد مسؤولية الجهات الرسمية بل يتطلب أيضاً المسؤولية المجتمعية، وضرورة ترجمة الشعارات والمبادرات إلى عمل فاعل، فكم نحن بحاجة ماسة للعمل وليس لمجرد التنظير، وكم هو مهم أن تكون رأس الكتان نموذجاً يحتذى به لجميع القرى والمناطق، وبما يعكس تعزيز دور جميع الأطراف من أجل واقع بيئي أفضل ينشده الجميع.
حديث الناس – مريم إبراهيم