لا تزال تداعيات القرارات الأخيرة بزيادة أسعار الغاز والكهرباء وقبلها طبعاً مواد وخدمات أساسية حديث الشارع السوري الذي يعيش حالة صدمة واستغراب من تلك القرارات التي تحمله وحده فاتورة تسديدها وسلبياتها على واقعه المعيشي والاقتصادي الصعب جداً.
ومرد تلك الحالة ليس فقط الزيادة في أسعار مواد وخدمات بعضها يدرج ضمن قائمة المواد المدعومة وما يعقب ذلك من تلقف سريع وفي أغلب الأحيان مسبق من التجار والمنتجين للسيناريو الذي بات مكشوفاً للجميع يبدأ من قلة توفر المادة في السوق وتوفرها لاحقاً بالسوق السوداء بأسعار جنونية.
وإنما في جملة التساؤلات التي تسمعها على ألسنة الناس في كل مكان وفي مقدمها هل غاب عن ذهن المسؤول تضمين قرار الزيادة بملاحظة أن الزيادة في سعر الغاز مثلاً سيقلل من مدة انتظار رسالة استلام الغاز لشهر أو شهرين أو أياً يكن؟.
أو أن زيادة سعر الكهرباء سيوفرها لساعات إضافية؟ والأهم الوفرة التي تمت جراء تلك الزيادات هل ستجد طريقها الصحيح للانعكاس على دخل المواطن الذي وصل لمرحلة غير مسبوقة من الضغط الاقتصادي؟.
عشرات الأسئلة تتوارد على ذهن المواطن جراء تلك القرارات تنتظر إجابات واقعية ومقنعة ومسؤولة من صاحب القرار ليس فقط لأنها زادت من الضغط المعيشي، وإنما وهذا واقع زادت الضغط النفسي على الأسر التي وقفت عاجزة تقريباً عن تأمين أدنى مقومات ومستلزمات أفرادها.
وإن كان صاحب القرار يفند مبررات تلك الزيادة بأنه أمام خيارين أحلاهما مر، ولا بد من قرارات رفع الأسعار مع تصاعد قيمة فاتورة الدعم واستمرار التضييق الاقتصادي على البلد نعتقد أو نكاد نجزم أن أغلبية المواطنين يدركون جيداً هذا الواقع ولكن لا يمكن أبداً التبرير أو التغاضي عن التقصير الحاصل في إدارة ملفات تطوير وتنمية القطاع الإنتاجي وخاصة الزراعي والصناعي والعمل على تجاوز معيقات وصعوبات ومشاكل كانت ولا تزال حجرة عثرة أمام المزارعين لزراعة أرضهم بمحاصيل ومنتجات تدعم السوق المحلي (وهنا كمثال لا يمكن أن أقنع فلاحاً بزراعة أرضه وأرفع أسعار المواد الأولية) وصناعيين لمنشآتهم ومعاملهم لإعادة دوران عجلة آلاتهم.
أما الاستمرار بسياسة الجباية من المواطن والتكاسل في جبايتها من باقي المكلفين فهو أمر يؤشر لحاجتنا لإدارة حكيمة للملف الاقتصادي رغم أن ما يمكن تعلمه من إدارة الملف السياسي والعسكري خلال الحرب التي فرضت على بلدنا كثير ومتاح ويعتبر مدرسة باتت مراكز الأبحاث والدراسات في العالم تتعلم منه.
الكنز – هناء ديب