يحشد نظام أردوغان لعدوان جديد على الأراضي السورية في منطقة الشمال، وهذا ما تدل عليه تهديداته المتصاعدة، والمترافقة مع إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية لحماية ومؤازرة تنظيماته الإرهابية المتواجدة هناك، هو يعمد لإعادة رسم خرائط احتلال جديدة، لتحصيل أوراق تفاوض أخرى يبازر فيها على طاولات الحل السياسي، لاسيما أن هذا النظام بات يتولى إلى جانب الكيان الصهيوني، الوكالة الحصرية لاستكمال فصول الحرب الإرهابية، وإدارة دفتها في مراحلها الأخيرة.
الإجراءات التركية التصعيدية على الأرض، سبقها صدور قرار عن البرلمان التركي بتجديد ما يسمى “التفويض الممنوح” لرئيس النظام التركي لإرسال قوات عسكرية إلى العراق وسورية لمدة سنتين، في خطوة استفزازية لشرعنة العدوان والاحتلال، وهذه الخطوة جاءت بأمر من أردوغان نفسه، ليقطع الطريق على أي تفاهمات حصلت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اللقاء الأخير بين الجانبين، لجهة تنفيذ بنود اتفاق سوتشي بشأن إدلب، لاسيما أن خيار الحسم العسكري بات الأكثر ترجيحاً في ظل تهرب أردوغان المستمر من تنفيذ التزاماته، وهناك إصرار سوري على حسم هذا الملف سريعاً، والموقف الروسي الداعم واضح بهذا الشأن، ومن هنا فإن نظام أردوغان يسعى من خلال تهديداته بشن عدوان جديد، لبعثرة الأوراق، ومحاولة التعويض عن هزيمته المحتومة في إدلب، بمكان آخر، يتوهم أن باستطاعته كسب الرهان عليه.
الولايات المتحدة لا يمكن تغييبها عن مشهد الأحداث الراهنة في الشمال، والمجرم أردوغان توعد بتنفيذ عدوانه المحتمل خلال لقائه الأخير مع جو بايدن على هامش قمة مجموعة العشرين في روما، وهنا من الأهمية أن نستحضر اعتراف ما يسمى المبعوث الأميركي السابق المدعو جيمس جيفري بأن هدف قوات الاحتلالين الأميركي والتركي، ليس محاربة “داعش” وإنما منع الدولة السورية من إعادة بسط سيطرتها على كامل أراضيها، وبأن الكيان الصهيوني يفعل الشيء ذاته، فرغم محاولات واشنطن وأنقرة تسويق وجود خلافات كبيرة بينهما، إلا أن الوقائع الميدانية أثبتت خلال مراحل الحرب الإرهابية، أن المجرم أردوغان لم يقدم على خطوة واحدة إلا بأوامر وتعليمات أميركية، سواء كان ذلك على الصعيد الميداني، أو على الصعيد السياسي، وكل ذلك يصب في مصلحة المشروع الصهيو-أميركي الذي يشكل أردوغان أحد أدواته الرئيسة في المنطقة.
تهديدات أردوغان، والممارسات التصعيدية لقواته المحتلة، لن تثني الدولة السورية عن قرارها بتحرير ما تبقى من أراضيها، والوقائع الميدانية أثبتت أن الجيش العربي السوري قادر على إنجاز مهماته الوطنية وفق الأولويات، والمعطيات الراهنة تشير إلى أن موعد معركة الحسم، سواء في إدلب أو ريف حلب، أو منطقة الجزيرة بات قريباً، وعلى أردوغان أن يدرك أن تهديده ووعيده لن ينفعاه بالحصول على أي مكاسب سياسية، ففي النهاية، لا أحد يستطيع منع سورية من تحرير أراضيها من الإرهاب وداعميه.
البقعة الساخنة – ناصر منذر