الثورة أون لاين – حمص – رفاه الدروبي:
يبقى لشوارع وأزقة المدن القديمة أثر في النفس يدغدغ ذاكرتنا ويلف حنايا أفئدتنا كانت حاضرة في معرض ضم 25 فناناً وفنانة لتخط ريشهم شوارعها العتيقة بألوانها الحقيقية الأسود المشوب بالأبيض فتظهر العمارة الأبلقية في معرض حمل عنوان “تحية لحمص القديمة” بصالة اتحاد الفنانين التشكيليين فرع حمص.
نقيب الفنانين التشكيليين إميل فرحة أشار إلى أنَّ كلَّ فنان وفنانة قدّموا تجربتهم بلوحة أو أكثر متبعين عدة مدراس جالوا بينها وطرقوا بابها من الواقعية والانطباعية والتعبيرية كي يقدموا رسالة لإحياء التراث في المدينة ووقف هدمها للأبنية باعتبارها تشكل رمزاً لذاكرة المدينة الماضية.
أما مديرة المعارض في نقابة الفنون التشكيلية بحمص ميساء العلي فقد تحدثت عن مشاركتها بعملين يمثّلون أزقة وشوارع المدينة القديمة واللوحة الثانية رسمت الأقواس والسيباطات مستخدمة الألوان الزيتية واعتبرته موضوعاً قيماً اًو محفّزاً لكلِّ الفنانين منوهة أنَّ الأعمال تكون نابعة من روح الفنان وقد نهجت في لوحاتها المدرسة الواقعية والانطباعية ولا يمكن الخروج عن إطارهما لأنَّ اللوحات توثيقية لمعرض بات شبه تقليد سنوي لإحياء التاريخ والتراث وتوثيق الأماكن بروح الفنان وعينه.
الفنانة كارمن شقير شاركت بثلاث لوحات زيتية رسمت فيها كنيسة الأربعين وأخرى للأحياء القديمة بمنحنياتها وتعرّجاتها وجمال بلاطها وثالثة كانت من نصيب السيباطات. لافتة إلى أنَّ المعرض يضم لوحات متنوعة من مدارس مختلفة ولا بد من المشاركة للحفاظ على تراثنا.
بينما رأى الفنان عدنان محمد أنَّ لوحته تحكي عن أحد أحياء مدينة واسطة العقد قضى بين جنباته طفولته ونهل من معين العلم في مدارسه. مبيناً أنَّه لا بد من التركيز على التراث الإنساني ولا يمكن للبشرية العيش بدون تاريخ أو انتماء للأرض والتراب.
من جهة أخرى فقد عقدت ندوة على هامش المعرض عنوانها “حمص القديمة بالذاكرة” بالتعاون بين جامعة الوادي ورابطة أصدقاء المغتربين احتضنتها حديقة نقابة اتحاد الفنانين التشكيليين ضمت لفيفاً من المهتمين.
عضو مجلس إدارة رابطة أصدقاء المغتربين المهندسة ماجدة حنا قدَّمت محاضرة عن “فن العمارة في حمص القديمة” متحدثة عن أهم الآثار فيها وخاصة قلعتها الواقعة على رابية وسورها وأبراج لم يبق منها سوى بقايا متهالكة وسبعة أبواب لا يذكرنا بها إلا أسماءها تصل لأزقة متعرَّجة آخرها بيوت وقصور قديمة لا تزال شامخة أهمها قصر الزهراوي إلى جانبها جوامع وكنائس وأسواق وقيصاريات وخانات ذات عقود حجرية بنيت وفقاً لطراز معماري قديم مشيرة إلى حماماتها وما تحمله من مظهر اجتماعي حيث يتوافد عليها الأهالي للاستحمام وتقام ليالي الأنس والطرب فيها.
فيما تناول حديث عضو رابطة أصدقاء المغتربين جورج رباحيَّة عن “تاريخ العمارة الحمصية” وما تحمله مخيّلته من صور واضحة عن الأوابد والتاريخ للبيوت والمعابد والمدارس والخانات وكيفية بنائها من الحجر الأسود الأساسي في البناء كسرته القاعدة بالحجر الأبيض الكلسي الحموي لتكون العمارة الأبلقية قدَّمها في بحث موثق عن المباني الأثريَّة والآثار القديمة المتبقية.
نهاية المطاف قدمت الدكتورة في كلية العمارة في جامعة حماة قسم العلوم والبناء والتنفيذ كارولين فركوح عرضاً حول “الهندسة المعمارية في حمص القديمة” وأكدت فيها على فقدان الكثير من المعالم الأثرية والمعمارية وضرورة الانطلاق من العراقة المعمارية والتراث المتحقق في الماضي والعمارة البيئية وأغلبها موجود ولا بد من تطويره حسب واقعنا وحاجاتنا الجديدة وعدم إلغاء دور الحداثة وإنَّما القديم يحمل عراقة ونستطيع الاستفادة منه ونضيف إليه روح الجديد لتحقيق خدمة حياتية إنسانية تتميز بها مدينة حمص.