الثقافة وعطلة نهاية الأسبوع.. مسارات ممكنة

الثورة – حسين روماني:

تشهد عطلة نهاية الأسبوع في سوريا تراجعاً واضحاً في الحضور الثقافي، إذ تتحوّل الأيام التي يُفترض أن تكون متنفساً للقراءة أو حضور عرض مسرحي إلى مواجهة مع غلاء الكتب، وندرة الفعاليات، وصعوبة الوصول إلى مسارح أو صالات سينما شبه غائبة، ومع ذلك، يواصل كتّاب وفنانون وشباب متابعون البحث عن طرق بديلة لإبقاء الثقافة حيّة، ولو عبر مبادرات صغيرة أو لقاءات محدودة، لتظل عطلة نهاية الأسبوع موعداً لتجديد الأمل وتأكيد أن الفعل الثقافي ممكن حتى في أشد الظروف قسوة.

الثقافة فعل يومي

في نهاية الأسبوع، لا تكون الثقافة مجرد ترفيه، بل وسيلة لخلق معنى جديد للحياة، لدى الصحفي الدكتور طارق العبد رأي واضح حول ذلك، يقول لـ”الثورة”: “النقاش حول دور الثقافة في عطلة نهاية الأسبوع يجب ألّا ينحصر في البحث عن بدائل للغياب، بل في إعادة تعريف معنى الزمن الثقافي في حياتنا اليومية”، ويضيف: “حين نتحدث عن الثقافة في نهاية الأسبوع، لا يجب أن نحصرها في الحفلات والندوات، بل أن نوسّع مفهومها ليشمل أبسط أشكال التلاقي الإنساني، من جلسة قراءة عائلية إلى نقاش بين أصدقاء في مقهى”.

ويتابع: “الثقافة ليست برنامجاً نخبوياً، بل ممارسة متاحة، وكلما شعر الناس أنها قريبة من حياتهم، ازدادت فرص استمرارها، المطلوب اليوم ليس انتظار مؤسسة كبرى تعيد المشهد، بل إقناع الأفراد أن كل مبادرة صغيرة هي ثقافة بحد ذاتها، وأن هذه التراكمات هي ما سيصنع المشهد الأوسع في المستقبل”.

الكتاب.. حلول بديلة

أمام ارتفاع أسعار الكتب وصعوبة التوزيع، ظهرت مبادرات بسيطة مثل تبادل الكتب بين الأصدقاء، أو إنشاء مكتبات صغيرة مجانية في الأحياء، إذ يضع القارئ كتاباً ويأخذ آخر، هذه الحلول لا تعوّض غياب صناعة نشر قوية، لكنها تُبقي الكتاب متداولاً، وتمنح الشباب إحساساً بالمشاركة، أما القراءة الرقمية، فهي رغم مشاكل الإنترنت، لا تزال خياراً عملياً، وتنظيم مجموعات قراءة عبر تطبيقات التواصل يمكن أن يحوّل القراءة من فعل فردي إلى نشاط جماعي ممتع.

المسرح.. التعاون قبل الإنتاج الكبير

المسرح في سوريا يحتاج اليوم إلى نماذج صغيرة ومرنة، بدل انتظار مشاريع ضخمة يصعب تمويلها، ورش عمل مسرحيّة في الجامعات أو المراكز الثقافيّة، وحتى في المقاهي، يمكن أن تعيد الحميميّة لعلاقة الجمهور بالمسرح، مثل هذه التجارب لا تتطلب إمكانات كبيرة، بل إرادة جماعية ورغبة في التواصل.

يرى الكاتب مروان حامد، أن الحل يكمن في تغيير زاوية النظر، ويقول في حديثه لـ”الثورة”: “لا أعتقد أن غياب الإمكانات يعني غياب الثقافة، العكس هو الصحيح، فالموارد المحدودة قد تخلق أشكالاً جديدة من التعبير، يمكن أن نصنع عرضاً مسرحيّاً في بيت قديم، أو نقيم ندوة أدبيّة على سطح بناية.

المهم أن نتعامل مع المكان المتاح كمساحة قابلة للحياة الثقافية”، مضيفاً: “إذا استسلمنا لفكرة أن الثقافة تحتاج دائماً إلى ظروف مثالية، فلن نفعل شيئاً، الحل هو أن نبدأ بما هو ممكن، مهما كان صغيراً، ونراكم عليه”.

السينما.. شاشة تشاركية

السينما قد تبدو شبه غائبة من صالات العرض، لكن الحل يمكن أن يكون في العروض المجتمعية، تنظيم عروض صغيرة في المراكز أو حتى البيوت، مع نقاش بعد الفيلم، يحوّل المشاهدة من فعل فردي إلى تجربة جماعيّة، كما أن دعم الأفلام القصيرة والمشاريع الطلابية قد يشكّل بذرة لصناعة جديدة، لا تتنافس مع الإنتاج الضخم، بل تبتكر لغتها الخاصة.

الموسيقا.. لغة العالم

الموسيقا لا تزال الأقرب إلى الناس لأنها تحتاج موارد أقل، الحل هنا يكمن في تكثيف الحفلات الصغيرة التي تعتمد على الجمهور المحلي، وتشجيع التعاون بين الفرق الشابة والموسيقيين الكبار، حتى الحفلات المفتوحة في الحدائق أو الفضاءات العامة يمكن أن تخلق طقساً أسبوعياً يعيد للمدينة نبضها.

الفضاء الرقمي

المعارض التقليدية مهمة، لكن الاعتماد على الإنترنت أصبح ضرورياً، يمكن للفنانين الشباب عرض أعمالهم وبيعها عبر المنصات الرقمية، ما يمنحهم استقلالية أكبر، في الوقت نفسه، يمكن للمبادرات الثقافية أن تطلق معارض افتراضية مفتوحة أمام الجمهور داخل وخارج سوريا، ما يضمن استمرار التواصل مع المشهد الفني العالمي.

آخر الأخبار
نقص في الكتب المدرسية بدرعا.. وأعباء مادّيّة جديدة على الأهالي اهتمام إعلامي دولي بانتخابات مجلس الشعب السوري إطلاق المؤتمر العلمي الأول لمبادرة "طب الطوارئ السورية" الليرة تتراجع.. والذهب ينخفض حملة "سراقب تستحق" تواصل نشاطها وترحل آلاف الأمتار من الأنقاض مؤسسة الجيولوجيا ترسم "خريطة" لتعزيز الاستثمار المعدني تعاون رقابي مشترك بين دمشق والرباط تراجع الأسطول الروسي في "المتوسط".. انحسار نفوذ أم تغيير في التكتيكات؟ إطلاق الكتاب التفاعلي.. هل يسهم في بناء نظام تعليمي متطور؟  خبز رديء في بعض أفران حلب "الأنصارية الأثرية" في حلب.. منارة لتعليم الأطفال "صناعة حلب" تعزز جسور التعاون مع الجاليات السورية والعربية لبنان: نعمل على معالجة ملف الموقوفين مع سوريا  شهود الزور.. إرث النظام البائد الذي يقوّض جهود العدالة التـرفـع الإداري.. طوق نجاة أم عبء مؤجل؟ سقف السرايا انهار.. وسلامة العمال معلقة بلوائح على الجدران أبطال في الظل في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين لماذا قررت أميركا تزويد أوكرانيا بعيونها الاستخباراتية لضرب عمق روسيا؟ ختام مشروع وبدء مرحلة جديدة.. تعزيز المدارس الآمنة والشاملة في سوريا شراكة مجتمعية لترميم مدرسة في الضمير