الثورة أون لاين:
كان لافتاً أن تصدر الهيئة العامة للكتاب سلسلة حملت عنوان قضايا لغوية قدمت فيها حتى الآن ٥١ كتيباً لباحثين سوريين.. وكنا قد توقفنا عند بعض العناوين التي صدرت وبعضها ليس قريباً من القضايا اللغوية صحيح أن مادته الخام هي اللغة كما كتب البلاغة والعروض وغيرها..
وقسم آخر جاء مهماً وملبياً لحاجة معرفية كما كتب الدكتور الراحل ممدوح خسارة وكتب الدكتور محمود السيد والدكتور الراحل وفيق سليطين وغير هذه الكتيبات.
منذ أيام صدر العدد ٥١ من السلسلة وحمل عنوان: الضبط اللغوي تاريخه أصوله.. وهو من تأليف الدكتور :محمود الحسن.
جاءت مقدمة الكتيب وافية تماماً للتعريف بالضبط اللغوي وأهميته.. ثم بعد ذلك يقدم المؤلف فصلاً تحت عنوان: تاريخ الضبط اللغوي.. يقف فيه عند أقسام الضبط اللغوي الإعرابي والصرفي ويدعم ذلك بالأمثلة التي تثري الفكرة.. ويشير إلى البدايات الأولى للضبط اللغوي وكيف كان في بداياته نقطاً وكان يكتب بحبر يخالف الحبر المستعمل في كتابة الحروف. وظل نظام الضبط نقطياً إلى أن ايام الفراهيدي الذي اخترع علامات الضبط المستعملة حتى اليوم.
واللافت في الكتيب الجرأة التي تمتع بها الباحث من حيث التحذير من كثرة الضبط والمبالغة به وأشار إلى أن القدماء حذروا من كثرة الضبط في الكتب ودعوا إلى الاكتفاء بضبط ما هو مشكل.. وكان العلماء والأدباء وكبار الكتاب والسلاطين ينكرون على من يرسل إليهم كتاباً مشكول الألفاظ، بل كان بعضهم ينكر أيضاً أن تكون الألفاظ منقوطة.
ويخلص الباحث إلى القول: إذا كان القدماء ينكرون الضبط والنقط فنحن في هذا العصر لا ننكر ذلك بل ندعو إليه ونحض عليه.. ولكن الأولى بنا أن نحذف الضبط في المواضع التي لا يقع فيها التباس وأن نتخفف ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
الكتيب يقدم فكرة مهمة وجريئة تدعو إلى التخلص من أكلاف زائدة حين عدم الحاجة إليها لأنها تصبح عبئاً وهذه الدعوة مهمة جداً من باحث لغوي له رصيده المهم في البحث …
لقد جاء هذا الكتيب بوقته المناسب… وتوجهت إلى بوصلة السلسلة إلى قضايا اللغة التي يجب أن تطرح الآن.. ولعل الضبط الذي لم نستطع ممارسته الآن ونحن نكتب على المحمول يفتح الباب لفكرة كتيب آخر ما الذي جناه الأزرق على اللغة؟.