مع مرور الزمن وتعاقب الأحداث تبرز أكثر حقيقة الحركة التصحيحية وتتأكد مصداقيتها وضرورتها، فهذه الحركة ارتبطت بقيمها وأهدافها وتوجهاتها وتطورها بحركة الحياة، وكان قائد الحركة التصحيحية القائد المؤسِّس حافظ الأسد قد عبّر عنها أصدق تعبير عندما اعتبرها تقويماً لأخطاء الماضي ولمسيرة الثورة واستجابة لأماني الشعب واستلهاماً لرغباته، فطرحت الحركة التصحيحية، ومنذ اليوم الأول لانطلاقتها، أهدافاً واقعية تضمن التغيّرات الحاسمة في بنية المجتمع العربي السوري وتكوينه واقتصاده وسَعت منذ انطلاقتها أيضاً إلى خلق علاقات سياسية واجتماعية وفكرية جديدة ورسّخت نظام الوحدة الوطنية قاعدةً ومنطلقاً لكل الإنجازات التي تحققت على امتداد مساحة الوطن لتبني سورية الحديثة قلعة قومية وتنقلها من الضعف إلى القوة ومن التشتت إلى التماسك ومن الاضطراب إلى الاستقرار ومن الحاجة إلى الازدهار ولأن كل ما تحقق من استقرار وازدهار في سورية ليس في مصلحة أعدائها، ولاسيما الأمن والاستقرار وتماسك الجبهة الداخلية، خططوا لحرب كونية تديرها الإدارة الأميركية وتستعين بمن تشاء من الدول الاستعمارية والأنظمة العربية الرجعية بهدف تدمير الدولة السورية.
واليوم أصبح كل سوري يعرف تماماً مدى الضغوط والمخاطر والمؤامرات التي تُحاك ضد سورية من جميع جهات الأرض وإن جميع الأدوات المنفذة للعدوان على سورية في الداخل أو الخارج تعمل لحساب المشروع الأميركي الصهيوني مهما اختلفت في أسلوبها وارتباطها وجنسياتها، فهدفها النهائي ضرب سورية وتفتيتها ويدرك أن المطلوب تغيير الوجه السياسي والثقافي والبشري للمنطقة، وإعادة رسم خارطتها من جديد بما يخدم استراتيجيات ومصالح بعض القوى الأجنبية، وفي مقدمتها «إسرائيل» وأن هذه المؤامرة الكبرى تسعى من ورائها قوى أميركية وأوروبية إلى تصفية حساباتها مع سورية، وذلك لمواقفها القومية والوطنية الثابتة والمبدئية، لكن رهان سورية كان على وعي الشعب، وعلى الوحدة الوطنية وعقيدة الجيش العربي السوري، وعلى كل ما بناه التصحيح المجيد من مقومات الصمود، ولذلك علينا أن نتخذ من هذه المناسبة سبيلاً إلى المزيد من التصميم على الالتزام بنهج التصحيح ونُخلص في مهامنا وواجباتنا، كل في مجاله من خلال الممارسة الأمثل التي تنسجم مع فكر التصحيح وأن يكون التصحيح في فكرنا وأدائنا اليومي، وفي الوقت نفسه ثقتنا كبيرة ومطلقة بأن ربّان هذه المسيرة في هذه المرحلة المهمة من حياتنا السيد الرئيس بشار الأسد الذي يواجه كل أشكال الضغوط والحصار لسوف يصنع فجر النصر الآتي بالرغم من كل التحديات والمخاطر.
وإذا كانت الجدوى من المناسبات عموماً التأمل والمراجعة وليس للاحتفاء فقط.. فكيف الحال اليوم ونحن في حضرة التصحيح المجيد وحين يجد الإنسان نفسه في حضرة التاريخ لا بد من أن يحني الهام إجلالاً لمن صاغوه بعزائمهم الشمّاء، وصنعوه بعقولهم شمساً تسـتمد منها الأجيال شـعاع معاني تجذُّرها في الأرض وتقرأ في صفحاته عناوين الخلود وتدرك أن عظمة الأمم من عظمة أولئك الذين يصوغون من المستحيل ممكناً، ومن الممكن فعلاً، ومن الفعل خلقاً فيحوّلون الضعف إلى قوة والتردد إلى ثبات والهزائم إلى انتصارات.
ذكرى الحركة التصحيحية مناسبة للتذكير بأن التصحيح مهمة مستمرة وعمل يومي متواصل لمواجهة التحديات واستثمار نقاط القوة وتحمل المسؤوليات ومواجهة الأخطاء والعيوب والنواقص بكل شفافية وعلانية، فالوطن للجميع، والعمل من أجله مسؤولية الجميع.
الكنز – يونس خلف