الاحتفاء بذكرى التصحيح المجيد، يكتسب هذا العام معاني متميزة في ظل الإنجازات المتراكمة التي تحققها سورية في حربها ضد الإرهاب، وقد باتت قاب قوسين من تحقيق النصر النهائي على التنظيمات الإرهابية وداعميها، وتطهير كامل تراب الوطن، وتتجه بخطوات ثابتة نحو إعادة الإعمار وبناء المستقبل، بالتوازي مع إعادة تثبيت حضورها القوي والفاعل على الساحة الإقليمية والدولية، وهذا ما يجسده الانقلاب الواضح في المواقف الدولية والعربية إزاء التعاطي مع الأزمة، بفعل الانتصارات المنجزة عسكرياً وسياسياً.
منذ قيام الحركة التصحيحية المجيدة، التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، قبل خمسة عقود ونيف، والسوريون يزدادون تمسكاً وثباتاً بنهج التصحيح، وهذا ما عكسه إصرارهم على التمسك بالقيم الاستراتيجية والفكر الاستشرافي للتصحيح الذي أسس لبناء سورية الحديثة وأعطى تصوراً كاملاً لما يعد للمنطقة من مشاريع تقسيمية تخدم العدو الصهيوني، واعتمد نهج المقاومة لمواجهة المؤامرات والتحديات، لذلك عجز الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة عن اختراق صمود السوريين والنيل من عزيمتهم، رغم شراسة الحرب الإرهابية التي جندوا لها مئات آلاف الإرهابيين، وعملاء ووكلاء إقليميين ودوليين، فكان التفاف السوريين حول جيشهم البطل ودعمهم اللا محدود له تجسيداً للنهج الوطني الذي كرسته نضالاتهم المديدة على مدى العقود السابقة، والتي شكلت بدورها عقيدة وقاعدة للعمل الوطني الصادق منذ انطلاق فجر التصحيح المجيد الذي غرس في نفوسهم العزة والإباء.
الحركة التصحيحية أرست دعائم الدولة الحديثة المرتكزة على البناء المؤسساتي والديمقراطية الشعبية، وأعطت سورية موقعاً مهماً على مختلف الصعد، وجعلتها القلعة المنيعة الوحيدة في مواجهة الأخطار والتحديات التي تتعرض لها الأمة العربية، ولذلك كان المطلوب -أميركياً وغربياً- الإجهاز على كل الإنجازات التي حققها الشعب السوري على مدار العقود الماضية، ومن هنا فإن التآمر على سورية لم يتوقف منذ انطلاق الحركة التصحيحية، ولكنه يزداد شراسة في ظل تصاعد البلطجة الأميركية الساعية من ورائها واشنطن لتكريس وجودها الاحتلالي، وسرقة المزيد من ثروات الشعب السوري الوطنية، ومن خلال السعار العثماني المحموم الذي يقوده المجرم أردوغان لتوسيع أطماعه الاحتلالية، لتنفيذ المخطط الصهيوني، والذي تتعدد الأطراف المشاركة فيه دولياً وإقليمياً وعربياً، إلى جانب لجوء الغرب المتصهين إلى مختلف أساليب الحصار والعقوبات الاقتصادية والسياسية، والتحريض الإعلامي، واستعمال أدوات داخلية انفصالية كواجهة لمشروع تقسيمي يحقق أجندات المشروع الصهيو-أميركي.
الحركة التصحيحية كانت محطة مفصلية في تاريخ سورية الحديث، فباتت الرقم الأصعب في المعادلات الإقليمية، والرقم العصي على التجاهل والتجاوز في كل ما يتعلق بشؤون المنطقة، فجعلت من سورية عامل الأمان والاستقرار الحقيقي للمنطقة بأكملها، ولا شك في أن ثمرات التصحيح المجيد أكثر من أن تعد أو تحصى على مختلف الصعد الميدانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولعل أبهى إنجازاتها يتمثل اليوم في ترسيخ الوحدة الوطنية ولحمة الجيش العربي السوري مع الشعب في وجه العدوان بمختلف أشكاله، فبفضل صمود السوريين تزداد سورية قوة ومنعة، وتتساقط المشاريع الاستعمارية الجديدة التي تستهدف المنطقة عبر البوابة السورية واحدة تلو الأخرى.
نبض الحدث – ناصر منذر