رغم أن الهم المعيشي لأغلبية الناس هو الأكثر ضغطاً حالياً مع ازدياد صعوبات تأمين أبسط مقومات الحياة بظل التراجع الخطير للقدرة الشرائية واستمرار الجهات التنفيذية برفع أسعار المواد والخدمات الأساسية من دون أي خطوات عملية تذكر في طريق رفع الرواتب باستثناء بعض الكلام المكرر عن انفراجات قريبة وقادم الأيام أفضل.
إلا أن الواقع الكهربائي السيئ الذي تعيشه غالبية المحافظات السورية هو الحديث الأكثر حضوراً ليس فقط لكون الناس وصلت معها لمرحلة سيئة نفسياً لكون الظلام الدامس هو الطاغي في حياتهم وإنما لتعطل مشاغلهم من جراء التقنين الطويل والجائر ودخول كل أفراد الأسرة في سباق حقيقي مع ساعة الوصل التي تهل ولا تخلو أيضا من فصل مؤقت لإنجاز أعمالهم اليومية وما يترتب على هذا الواقع الكهربائي المتردي من تبعات اقتصادية نتج عنها وضع بند جديد في قائمة المصروفات المتزايدة مخصص لإصلاح الأدوات الكهربائية التي تتعطل من الفصل المتكرر خلال وقت قليل للكهرباء.
ولا أعتقد أن كلام المعنيين في وزارة الكهرباء مؤخراً بأن الشتاء القادم سيكون الأسوأ كهربائياً إذا لم يحصل تحسن في توريدات مادتي الفيول والغاز شكل أي مفاجأة للناس، فالواقع على الأرض ساطع كالشمس ويبدو مع كثرة تبريرات الوزارات المعنية وآخرها تغير الطقس، أن أفق الحل لا يزال بعيداً ومعاناة المواطنين مستمرة.
وبتوسيع دائرة الضرر الناجم عن التقنين الكهربائي وصولاً لكل القطاعات الهامة والاستراتيجية كالصناعة والزراعة والاقتصاد يظهر التناقض الكبير في كلام أصحاب القرار الداعي للنهوض بتلك القطاعات واعتبارها أولوية الأولويات في وقت يعرفون هم أن أهم عوامل تحريك عجلتها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقطاع الطاقة وأصوات أصحاب الأعمال والمنتجين وحتى تلك الورش المنتجة التي عادت للعمل والإنتاج وتعطلت كما غيرها وخرج العديد منها من السوق بسبب الكهرباء، تنادي وتحذر من أن تكاليف توفير الطاقة لا تعادل تكاليف توقف الإنتاج وتعطيل مشاغل الناس وإصابة قطاعات حيوية بالشلل، ما يعني بالمحصلة قلة في الإنتاج وتوفر المواد بالأسواق وارتفاع الأسعار ومزيد من الاستنزاف للقطع من جراء تصاعد قيمة فاتورة الاستيراد.
ندرك جميعاً كل ما يحيط بتأمين مادة المحروقات من صعوبات مرتبطة بالعقوبات الجائرة على البلد ولكن من غير المقبول الاستمرار بهذا الواقع المعطل، وإيجاد حلول له مطلب الكل أقله على صعيد عدالة التوزيع لما يتوفر من طاقة.
الكنز -هناء ديب