لا يكاد حدث يخبو لتتصاعد أحداث جديدة تزيد من توتر العلاقات الدولية، وليس من باب معاداة الولايات المتحدة الأميركية فإنها وحدها المسؤولة عن جميع تلك الحالات التي تزيد تلك العلاقات توتراً واشتعالاً وصداماً، ففي الوقت الذي تحذر فيه واشنطن حلفاءها الأوروبيين من احتمال قيام روسيا الاتحادية بشن هجوم على بولندا بعد توتيرها للعلاقة من بين بيلاروسيا وبولندا متذرعة بمشكلة اللاجئين الساعين للدخول إلى أوروبا، نجدها ذاتها تعيد وتكرر توجيه الشكر لدولة قطر لدورها في تقديم الدعم والمساعدة لواشنطن وقواتها المسلحة وجيشها الغازي خلال عملية انسحابه من أفغانستان نهاية آب الماضي، فما السر في هذا السلوك؟ وهل يمثل حقيقة الرؤية الأميركية للعلاقات الدولية التي يفترض قونتها وفق مبادئ الأمم المتحدة وميثاقها، والقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المبرمة ما بين أطراف المجتمع الدولي؟.
وهل تعكس تلك العلاقات موقع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها دولة عظمى، فضلاً عن كونها أقوى دولة في العالم وتمتلك أكبر اقتصاد عالمي حتى الوقت الحالي؟.
تبدو المقارنة أو الربط ما بين روسيا وقطر فيها الكثير من الظلم والإجحاف بحق روسيا الاتحادية كمكانة ومقدرات ودور وحجم سياسي واقتصادي ودولي، لكن الولايات المتحدة الأمريكية ترغب في الإبقاء على حالة التوتر الدولي ضماناً لمكانتها وموقعها واستراتيجيتها القائمة على هذا السلوك والممارسة سعياً للإبقاء على حالة سيطرتها على كلّ المقدرات الاقتصادية في العالم، ففي أفغانستان ثمة متغيرات جديدة تحتاج لإدخال طالبان في صالون المجتمع الدولي وفق القالب الغربي والأوروبي بعد سنوات من حال الاستبداد والتعصب والإرهاب التي كانت تنعت واشنطن بها حركة الملأ البشتوني التي لا تعرف غير القتل طريقاً وأسلوباً في الحوار.
وهنا فإن الولايات المتحدة الأمريكية في ديناميكية تنفيذ البرامج الوقتية لاستراتيجيتها الكبرى تدفع لنشر المزيد من الاقتتال داخل المجتمعات الإسلامية، بحيث تقتتل بعضها ببعض دون حاجة لتكليف واشنطن عناء المشاركة بذلك بشكل مباشر أوالاضطرار لتكرار تجارب التدخل العسكري الفاشلة كلّها في تحقيق نتائجها منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الوقت الحالي.
ومن المعتقد بأن حركة طالبان ستلعب أدواراً مهمة في محيطها الإسلامي، وسيكون للدوحة المهمة المفتاحية في تلك المهمات المستقبلية عبر توظيف الأموال والثروات الطائلة لها في تحقيق المشروع الإمبريالي الأميركي وهو يغير سلوكه في التواجد المباشر والتدخل العسكري إلى تكليف الوكلاء بالقيام بمهمات عدوانية بأيدي أبناء تلك البيئات في المجتمع.
معاً على الطريق – مصطفى المقداد