لست من هواة جلد الذات وإنكار أن ثمة قوة لا أحد يمكن له أن ينكرها تتمتع بها الدولة السورية، الدولة لا الحكومة، مؤسساتها لا مديروها، استراتيجيات نفذت سابقاً وما زلنا أقوياء بفعل ما بقي منها.. ولن ننكر أن الكثير ممن يركبون موجات ما يسمونه رؤى جديدة هم من يضعفون هذه المؤسسات ويأكلون من رصيدها.
ولن نكون خارج الواقع إذا ما قلنا أن أداء الكثيرين في الحكومة لا ينجز ولا يقدم إلا تصريحات للاستهلاك المحلي، ومع الأسف هي تصريحات مستفزة تدل على عدم خوض تجربة الحياة.
وإن كنا نتمنى أن يكونوا قدر المسؤوليات التي أنيطت بهم ولكن خاب الأمل.. وصرنا نتوق لأن يوقفوا التدهور في المؤسسات التي تتبع لهم لم نعد نريد منهم إنجازاً فقط ليحافظوا على ما بقي دون حدوث المزيد من التراجع.
وعلينا أن نعترف بالثرثرة الزرقاء التي لا تتوقف ثانية واحدة، ويضخ فيها من يعرف ولا يعرف أنها تساهم بالمزيد من الوهن والضعف..
والنسخ واللصق آفة المشهد آخر هذا الطوفان المريب، ما يتم تداوله عن خروج سورية من سلم جودة التعليم كما يسمونه.. ومعها مجموعة دول عربية حين تعرفها تكتشف المغزى السياسي وراء هذا الإخراج وليس الخروج..
لن ننكر أن ثمة ما يجب أن يقال حول واقعنا التربوي والتعليمي بدءاً من مناهج الرمل والحصى إلى الكثير من المعلمين والمدرسين الذين امتهنوا الدروس الخصوصية إلى أساتذة الجامعات والمدارس الخاصة وغير ذلك وطبعاً ليس الأمر تعميماً.
النسخ واللصق الذي شارك فيه من لا يعرف الف باء القراءة إلى حملة دكتوراة الفيسبوك، هؤلاء بكوا وتباكوا ومزقوا أستار دموع التماسيح.. وكله استهلاك ثرثرة تؤذي كل شيء..
هل تساءلوا عن الأسباب التي كانت وراء هذا الخروج غير المهم أبدا.. ما دور المجتمع ما دورنا نحن في إعادة هيبة المعلم والمدرس… ما الذي سببه الإرهاب وما دمره في كل مناحي الحياة.. ومع كل قسوة وألم المشهد لم تغلق المدارس وظلت الجامعات… بل أبعد من ذلك شارك التلامذة السوريون بمسابقات عالمية وحققوا إنجازات مهمة جداً..
الطبيب والمهندس السوري تفوق أينما كان وأينما حل، تفوق ماضياً ويتفوق حاضراً وسيبقى في الصدارة، هذا ليس إنشاء أو أمنيات بل واقع يعرفه الجميع..
أيها الناسخون اللاصقون لم ولن ننكر ما نحن فيه، لكنه ليس بهذا السوء أبدا علينا أن نكون واقعيين.. لا أن نعمل المنشار ونقطع الغصن الذي نقف عليه ليكون السقوط بفعل أيدينا نحقق ما عجز عنه الإرهاب بشقيه العسكري والإعلامي..
لسنا بخير تماما لكننا لسنا بالسوء الذي تتداولونه.. نتوق لأن نضيف إلى الإنجازات إنجازات جديدة، ولا نبقى نعمل على الرصيد السابق، وهذه مسؤوليتنا جميعاً وأولنا من يقبع وراء المكاتب ولا يعرف إلا…
معا على الطريق – ديب علي حسن