ليس عبثاً أو ضرباً من الغوغائية الاحتفاء بيوم الفلسفة العالمي، الذي أرّخته اليونيسكو في الخميس الثالث من شهر تشرين الثاني من كل عام، فالفلسفة استحقت الاحتفاء بها لأنها شكلت على الدوام مفتاحاً لإعمال الفكر وإبداع المعرفة ورفض المسلمات، ولطالما اشتغل الفلاسفة على تطوير الفكر البشري وإغناء ثقافة المجتمعات بأفكار تصنع فرقاً، وتحدث تحولاً في حياة البشرية وتحثهم على التصدي لكل ما من شأنه أن يعوق تطورهم ويقف حجر عثرة في طريق تقدمهم ومواكبتهم لكل مستحدث وجديد.
ولأنها في معناها ومضمونها تعني(إنتاج الحكمة) أو حب الحكمة، سعى الفلاسفة والمفكرون إلى دراسة الواقع والانطلاق منه إلى استنباط أفكار جديدة تساهم في إخراج الشعوب من عنق الزجاجة، وخلق آفاق أكثر رحابة عبر إقامة الحوارات الفكرية من أجل بناء مجتمع مبني على التسامح والاحترام وإعمال الفكر، والأهم من ذلك الحث على مناقشة الآراء بعقلانية واستنباط الأفكار الإبداعية من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق التغيير الذي يوائم المجتمع بعاداته وإرثه الفكري والحضاري.
واليوم ونحن نعيش ظروفاً استثنائية من الضغوط الاقتصادية وانتشار(وباء كورونا) والتحولات على صعيد العالم، وما يجري من تنازع للقوى وصراعاتها حول نهب خيرات الشعوب، لابد أن نوقظ الفكر المنطقي فينا للوصول إلى الحقيقة، وتغيير الذهنية التي تحاول أن تهيمن على الأفراد أولاً ومن ثم المجتمع، وهي تضخم الأنا، على مبدأ(أنا وبعدي الطوفان).
وهنا يأتي دور المثقف والمفكر أولاً، ومن ثم المؤسسات التعليمية على اختلاف مستوياتها، وبالطبع لا يمكن تجاهل دور المؤسسات الاجتماعية الأهلية، في توعية أفراد المجتمع والتصدي لأوجه التعصب الفكري والأحكام المسبقة، وهذا ما كان يفعله سقراط، إذ كان يجول في الشوارع والأسواق ليقترب من الناس، يحاورهم ويسعى إلى تغيير ذهنيتهم والارتقاء بتفكيرهم لتحقيق التغيير نحو عالم من الفضيلة والعلم والإبداع.
لاشك نملك من القدرات البشرية الكبيرة التي نضاهي بها شعوب العالم، فهل نكون على قدر المسؤولية في النهوض بالبلاد لتطال إبداعاتنا عنان السماء؟!
رؤية -فاتن أحمد دعبول