الثورة – عبد الحميد غانم:
في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني من كل عام نستذكر ذكرى أليمة تعيش في وجدان السوريين وهي اغتصاب لواء اسكندرون الذي تم سلبه بمؤامرة استعمارية دنيئة تورطت فيها كل من فرنسا وبريطانيا وتركيا، حيث أعطت فرنسا التي كانت تحتل سورية آنذاك وفق اتفاقية الغدر (سايكس بيكو) هذه القطعة الغالية من أرض سورية لتركيا كرشوة مقابل وقوفها إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، في تكرار لمشهد عدائي لا يقل إجراماً عنه وهو وعد بلفور، حيث أعطت بريطانيا التي لا تملك أرض فلسطين العربية للعصابات الصهيونية كوطن قومي لليهود متجاهلة حقوق أصحابها الشرعيين، وكذلك فرنسا التي لا تملك أي حق باللواء قامت بتقديمه هدية لتركيا على غير وجه حق، مخالفة بذلك كل الشرائع القانونية والإنسانية والأخلاقية، ليتأكد بعد هذه الممارسات الاستعمارية أن مبدأ العدوان والاحتلال واحد، وإن تعددت الوجوه والأدوات.
وعلى الرغم من أن تركيا كانت قد انسحبت من اللواء عام 1916 وأقرّت بعروبته كجزء من سورية، إلا أنها بسبب المصالح المتبادلة بينها وبين شريكي سايكس بيكو عادت إلى أطماعها في اللواء وصولاً إلى العام 1939 حيث قامت باحتلاله وضمه لأراضيها في عملية تزوير مفضوحة ضاربة بعرض الحائط كل التحذيرات الدولية والأممية التي تقول بأن اللواء أرض سورية ومعظم سكانه سوريون، وأن الأقلية التركية فيه تم إدخالها تنفيذاً للمؤامرة من أجل طمس هويته العربية السورية.
واليوم يجدد نظام أردوغان وريث العثمانية البائدة ممارساته العدوانية والاحتلالية لجزء من الأرض السورية مستخدماً مرتزقة وإرهابيين يعملون بإمرته بالاتفاق والتنسيق مع الاحتلال الأمريكي، وكل ذلك لاغتصاب المزيد من الأرض السورية وتقسيمها بما يناسب أحلامه العثمانية الدنيئة.
لقد أكدت سورية دائماً أحقيتها باسترداد أراضي لواء اسكندرون السليب بكل الطرق، فاللواء مثله مثل الجولان العربي السوري هو أرض محتلة، وللسوريين الحق باستردادها من أيدي الغاصبين وإعادتها إلى الوطن السوري، وطرد الإرهاب والاحتلال منها، ولن تفلح كل الضغوط التي تمارسها دول العدوان على سورية وخاصة تركيا والكيان الصهيوني بتغيير قناعة السوريين حول ضرورة تحرير هذه الأجزاء المغتصبة من براثن مغتصبيها ومحتليها