لم نكن ننتظر اعتراف رئيس أركان العدو الإسرائيلي أفيف كوخافي بأن “جيش” الاحتلال يعمل في ست ساحات حرب، بعضها على بعد آلاف الكيلومترات، حتى نعرف أن مشكلة هذا الكيان الإرهابي الغاصب ليست مع الشعب الفلسطيني الذي اغتصب أرضه وشرده منها فقط وليست مع سورية ولبنان أيضاً، بل مع دول المنطقة وشعوبها بسبب سياسات هذا الكيان التوسعية الإرهابية.
قد تكون المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول عسكري إسرائيلي بصراحة عن ساحات الحرب التي ينشط فيها “جيش” الاحتلال الإسرائيلي وهي إيران وسورية ولبنان والعراق واليمن وفلسطين، لكنها بلا شك اعترافات قاصرة لكونها لم تتطرق إلى الساحات الأخرى التي تعبث بها أجهزة استخبارات العدو وموساده، سواء في الدول العربية الأخرى أو في الإقليم بشكل عام.
الساحات التي ذكرها كوخافي هي ساحات متشابهة تنتمي إلى محور المقاومة الرافض لمسار التطبيع مع كيان الاحتلال المجرم الذي يسير بخطا سريعة هذه الأيام مع بعض الأنظمة العربية وبلا أي ثمن سوى التفريط بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه و وطنه والطعن في ظهر قضيته الوطنية، وفي تخلٍّ أخلاقي وإنساني ووطني عن قضية شعب شقيق لا تزال جرافات الاحتلال ودباباته وطائراته تدك بيوته، وتحولها إلى ركام.
انخراط العدو الإسرائيلي في الحرب على اليمن ليس دفاعاً عن أهل اليمن المظلومين بكل تأكيد، بل دعماً لآلة الحرب التدميرية السعودية ضد شعب شقيق لتدمير اليمن ودك البيوت والمشافي فوق رؤوس اليمنيين الرافضين للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ولكنه لن يحقق النصر لبني سعود، فهدفه زيادة التدمير وضرب العرب بالعرب. وكذلك اتفاق التعاون الأمني والعسكري الذي وقعه العدو قبل أيام مع المملكة المغربية لن يكون سوى استغلال لخلافاتها مع الجزائر الشقيقة والصحراء الغربية ودعماً لأي حرب محتملة لا قدّر الله، وهو بالتأكيد ليس تحالفاً لاسترجاع سبتة ومليلة.
ماذا يمكن أن تقدم “تل أبيب” لأنظمة التطبيع سوى أن تكون أداة لإثارة الحروب واستغلالها لمصلحتها؟ فهل يمكن أن تقدم “تل أبيب” حماية لأي من أنظمة التطبيع؟ هل تستطيع أن تقدم حماية فشلت في تأمينها لنفسها في جميع الحروب التي شنتها خلال العقدين الأخيرين؟ أم هل بمقدورها أن تقدم حماية لم تستطع واشنطن نفسها تأمينها لتلك الأنظمة؟ أسئلة ينبغي على من ركبوا قطار التطبيع أن يسألوها لأنفسهم كي لا يعيشوا أوهام التحالف مع شيطان بترت أياديه على أيدي قوى المقاومة، وعليهم أن يدركوا أن التطبيع حرب صامتة أخطر من الحروب العسكرية لكونها تقدم للعدو تنازلات لا يحلم بتحقيقها في الحرب ومن دون أن يخسر طلقة واحدة أو قتيلاً أو جريحاً.
إن الحوافز التي تقدمها الولايات المتحدة للأنظمة المطبعة لا تعدو عن كونها الجزرة التي لن تطولها تلك الأنظمة في يوم من الأيام، بل ستبقى في لهاث خلفها كأنها سراب وعندما تكتشف ذلك يكون قد شارف الوقت على الانتهاء. فقد أثبتت الأيام أن الرهان على واشنطن رهان على حصان خاسر، ولن يكون الرهان على كيان الاحتلال الإسرائيلي بأفضل حال، اسألوا ميليشيا “لحد” في جنوب لبنان وأدوات واشنطن في أفغانستان.
إضاءات- عبد الرحيم أحمد