الثورة – حمص – رفاه الدروبي:
كان عرض المسرحيَّة الكوميديَّة الناقدة “البروفيسور” عملاً سرديَّاً يخلو من عنصر التشويق دام ساعة ونصف. قدَّمته فرقة سوا تأليف وإخراج رواد إبراهيم وأدَّى الشخصيَّات مجموعة من الفئات العمريَّة الشابة ضمن فعاليَّات مهرجان حمص المسرحي الرابع والعشرين على مسرح قصر الثقافة.
المسرحيَّة تعرّي الواقع وتنتقده وفق أسلوب فكاهي يتغلغل ضمن المجتمع ويعكس ماحلَّ بالدكتور ماجد المؤلف ومعاناته مع لجنة النصوص رغم امتلاكه أدوات الكتابة ويكون مصير مؤلفه إلى سلال المهملات والتحقيق معه، وتسير مجريات العمل بحوار طويل معتمداً على ألفاظ وتراكيب تعكس الواقع المعاش لتعلو لغته مع بائع السجائر عندما يبثّ أوجاعه مع فقدان الوالدين وترك طفلة صغيرة في كنفه.
نهاية العرض اعتلت لجنة مناقشة العمل تألفت من المخرجين حسن عكلا وتمام العواني والكاتب سلام اليماني استمعوا في بداية الجلسة إلى آراء الحضور ثم أوضحوا أنَّ المخرج ألقى الضوء على الواقع لكنَّ المسرح مهمته التأثير والمتعة والفائدة لعرضٍ خلا من الديكور المسرحي، وأضافوا إنَّ مهمّة المخرج تتلخّص بإعطاء جوّ للمشهد وجماليّة تبدو من خلال الديكور كي ينقلهم إلى عوالم يغوص فيها ويعكس المشهد الحقيقي، منوّهين بأنَّ مشاركة الفئات الشابّة أمر في غاية الأهميّة والهدف رفد الحركة المسرحيَّة بدماء جديدة ووجود فرصة لهم والأخذ بيدهم ومساعدتهم على تنمية مواهبهم بطريقة حرفيّة مهنيَّة غابت عن المخرج ولم يستفد منها إضافة إلى عدم استغلاله خشبة المسرح بشكل ممنهج لكل الشخصيات حتى بدت في أغلب العرض فارغة. قدَّم الأحداث كأنَّها محاضرة تُليت على الحضور بأسلوب دخله التهريج فلم يشعروا بقيمة المسرحيّة متسائلين عن غياب الحلول الإخراجيّة ومسحتها البصرية والسمعية حتى انتاب جالسو المقاعد الملل وكرهوا البروفيسور من محاضرات سرَدَها أثناء الحوار أفسدت العرض رغم تقديم المخرج أفكاراً وقصصاً تحمل هموم وأوجاع الناس.
المخرج تمام العواني أشار خلال حديثه أنَّ العرض يستحقُّ التحاور فيه نظراً لوجود طاقات جديدة يمكن الاستفادة والتعلم منها.
فيما رأى المخرج حسن عكلا أنَّ العمل حقَّق غاياته ووصلت رسالته وفق أيِّ صيغة لكنَّه وقع في مطب عندما أراد قول كل شيء في عرض واحد حمل أفكاراً عديدة وغير جائزة لمدة ساعة ونصف فلم ينتصر العرض أو يكن مكتملاً والأسباب تعود إلى وجود شروط في المسرح لابد منها وأهمها الأسلوب ووحدته وتجانس العناصر وتوافق الموجودات كالاكسسوارات والملابس وغيرها. غاب الديكور بشكل خرج عن وظيفته المباشرة لاحتوائه على مجموعة لوحات طويلة أراد تقديمها من وجهة نظر شخصية كانت جزءاً من العرض فبدا كل ممثل يؤدّي دوره بوحدة منفصلة غلبت المبالغات على أداء الممثلين وخرجت عن حدود الوظيفة والأسلوب الواقعي الصرف عند مشهد بائع الدخان واعتبره مشهداَ درامياً قويَّاً ونقطة علام للمخرج وميَّز بين بطل المسرحيَّة البروفيسور إذ خرج عن وظيفته بينما أسلوب الأداء كان غير متوافق مع المنطوق أو الملفوظ ونقطة القوة والجاذبية تجلت بمشهد التحقيق حيث أوصلنا إلى غاياته وأحببناه والبقيّة غير المتجانسة حالت دون عرض مسرحي مهم وبدت ملامح كاتب يختص مستقبلاً في المجال ذاته والنص كتابته متزنة متماسكة تحتاج لرابط الوحدة العضوية المفتقدة على الخشبة.
المخرج رواد إبراهيم قال: إنَّ المداخلات ذات قيمة لعمل حمصي وحيد نصاً وإخراجاً سيقدم أثناء المهرجان متابعاً حديثه إن تكاليف الديكور الماديَّة الباهظة حالت دون الاستفادة منه. لقد كتبت النص ورأيت البروفيسور بطريقة تناسبني.