الثورة :
في خضم التوتر المتصاعد بين روسيا والغرب والاتهامات الأميركية المستمرة لروسيا بالتحضير لاجتياح أوكرانيا، يعقد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن اجتماعاً عبر الفيديو غداً، حيث أوضحت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية جين بساكي أن بايدن سيشدد في الاجتماع على هواجس بلاده بشأن الأنشطة العسكرية الروسية عند حدود أوكرانيا وسيجدد دعم بلاده لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
من يقرأ تصريحات بساكي والتصريحات الأميركية عموماً يعتقد للوهلة الأولى أن واشنطن مجرد حمامة سلام لا هم لها سوى نشر قيم المحبة والتعايش بين الأمم والشعوب، وأنها حريصة كلّ الحرص على سيادة الدول ووحدة أراضيها، وأن كلّ الاتهامات الموجهة إليها بزعزعة استقرار الدول ونشر الحروب وزرع الفوضى في بقاع العالم ونهب ثروات الشعوب لا أساس لها، غير أن النفاق الذي يطغى على هذه السياسة والذي لا نظير له عالمياً، هو الثابت الوحيد فيها، وما أكثر الوقائع والأدلة والبراهين التي تثبت أن أميركا هي على النقيض تماماً من كلّ ما تقول أو تصرح أو تدعي.
فلو أخذنا الأزمة الأوكرانية مثالاً، وهي موضوع اجتماع بوتين – بايدن، سنلاحظ أن واشنطن هي التي حرّكت ودعمت الاضطرابات في هذا البلد منذ عام 2014 ،وهي التي تحرض على التوتر والعداء بينه وبين جارته روسيا، وتسعى بكلّ السبل لمحاصرة الدولة الروسية وتهديد أمنها القومي من خلال جيرانها في شرق أوروبا، عبر تشجيعهم الواحد تلو الآخر على الانضمام لحلف الناتو الذي يستعدي موسكو بصورة خاصة، وهي من تمارس الاستفزاز عند الحدود الروسية، وتعرقل أي جهد لحلّ الأزمة الأوكرانية سلمياً.
أما في منطقتنا فإن واشنطن هي أكثر من ينتهك سيادة سورية ويهدد وحدة وسلامة أراضيها عبر الاحتلال المباشر، وهي أكثر من يمارس التهديد والعدوان والتدمير والنهب والحصار بحق السوريين، فلماذا تحلل واشنطن لنفسها في سورية ما تدعي معارضته في أوكرانيا أو في مناطق أخرى، أليس ما تقوله واشنطن في هذا الشأن هو ذروة النفاق السياسي والتضليل الإعلامي الذي لم يعد بخافٍ على أحد..؟!
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود