الثورة – ترجمة -ميساء وسوف:
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما تحدث القادة الغربيون عن وقوف “العالم الحر” ضد “الستار الحديدي”، كانت النتائج النهائية مروعة وخطيرة، فقد أدت الاشتباكات العسكرية الهائلة للولايات المتحدة في فيتنام وكوريا إلى مقتل الملايين.
وفي بلدان عبر أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، قتلت الانقلابات العسكرية الوحشية والتدخلات بقيادة الولايات المتحدة ملايين آخرين، كما أدى الانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة في إندونيسيا عام 1965 ، والذي تم باسم حماية “العالم الحر” من رئيس منتخب بدا متعاطفاً مع الصين وروسيا ، إلى مقتل حوالي 500000 شخص.
وأيضاً، ماذا كانت نتيجة محاولة جورج دبليو بوش “نشر الديمقراطية” في الشرق الأوسط من خلال غزو العراق؟ وكيف كان الوضع في ليبيا وسورية نتيجة الجهود الأمريكية لإثارة الاضطرابات وزعزعة استقرار هذه الدول باسم “الديمقراطية” منذ عام 2011؟
ولكن، وبغض النظر عن خطر العودة إلى خطوط التقسيم الدولية على غرار الحرب الباردة، فإن قمة بايدن “الديمقراطية” ضحلة سياسياً، لأنه وفي الخطاب حول القمة، يتم تقديم بعض الدول على أنها دول أخلاقية “تحترم حقوق الإنسان” في حين أن دولاً أخرى “استبدادية” أو “فاسدة”، فهذه القمة إذاً هي محاولة لحشد الدول التي تعتبرها إدارة بايدن “جيدة” في مواجهة الدول التي تعتبرها “شريرة”.
مثلاً الحكومة المنتخبة في فنزويلا غير مدعوة، وإنما خوان غوايدو، وهو فرد لم يتم انتخابه مطلقاً ولكنه يدعي أنه الرئيس الشرعي لفنزويلا، على الرغم من عدم وجود تفويض دستوري واضح، سيكون موضع ترحيب للمشاركة.
كما تمت دعوة جزيرة تايوان للمشاركة جنباً إلى جنب مع الدول ذات السيادة كخطوة حاقدة ضد بكين، على الرغم من عدم اعتراف الولايات المتحدة بحكومة تايوان. كما ستشارك “إسرائيل” على الرغم من الإدانات الدولية الواسعة لمعاملتها الوحشية بحق الفلسطينيين.
وستكون كوريا الجنوبية أيضاً موضع ترحيب لحضور القمة، على الرغم من قانون الأمن القومي القاسي الذي يحظر على مواطني الدولة الدعوة إلى السلام مع مواطنيهم في الشمال. حيث يفرض القانون قيوداً كبيرة على حرية الكوريين الجنوبيين في تكوين جمعيات سياسية والانضمام إليها من خلال فرض عقوبات جنائية صارمة على أي شخص ينضم إلى “منظمة مناهضة للحكومة” أو يمتدح أو يحرض الآخرين على الانضمام إليه، وهو مصطلح غير محدد بوضوح في القانون. ومع ذلك سيتم الترحيب بكوريا الجنوبية باعتبارها “ديمقراطية” في قمة بايدن.
وفي حين أن الولايات المتحدة لا تعترف بالانتخابات التي تمت مراقبتها دولياً في نيكاراغوا وفنزويلا ، فإنها تعترف بأن حكومة بوليفيا وهندوراس وبيرو قد تم انتخابها بشكل شرعي. ونظراً لأن شعوب هذه البلدان قد اختارت انتخاب قادة لا توافق عليهم واشنطن، فإن هذه الدول أيضاً غير مدعوة إلى “قمة الديمقراطية”، كما تم أيضاً استبعاد السلطة الفلسطينية من حضور القمة.
إن الطبيعة التعسفية لمن تصفهم إدارة بايدن ووزارة الخارجية الأمريكية بالديمقراطية وغير الديمقراطية يجب أن تشوه سمعة التجمع بأكمله، ويبدو من الواضح بشكل جيد أن المشاركة تدور حول العلاقات التجارية، واستضافة العسكريين الأمريكيين، والتعاون مع أجندة واشنطن الدولية أكثر من أي تقييم حقيقي “لحقوق الإنسان” أو نشر “الديمقراطية” في العالم.
لذلك، وبدلاً من العقوبات والتهديدات العسكرية والخطاب الحاد والإدانات المتكررة، يجب على قادة الولايات المتحدة تعزيز الديمقراطية بطريقة مختلفة، إن فتح أبواب التجارة وتوسيع التعاون الدولي والاعتراف بالمصالح المشتركة مع القوى العظمى الأخرى من شأنه أن يعزز حقوق الإنسان.
يجب على الولايات المتحدة العمل مع الصين وروسيا في جميع أنحاء العالم لتوفير الوظائف والبنية التحتية والوصول إلى الرعاية الطبية والتعليم لأولئك الذين يعانون من الفقر.
إن إعادة بناء العلاقات الدولية على أساس التعاون المربح للجانبين والتنمية التي محورها الإنسان ستفعل أكثر بكثير لتعزيز الديمقراطية من التصعيد العسكري والاستقطاب العالمي والقمم الدولية الاتهامية.
المصدر: Greanville Post