في كتابه (فلسفة الإرادة) يقوم بول ريكور بتشريح فعل الإرادة إلى ثلاثة استعدادات: القرار المندفع، الفعل الحركي، والإذعان الطوعي.
في كل ما نقوم به من تصرفات وأفعال هل تتحقق ضمنها هذه الاستعدادات التي ذكرها ريكور..؟
هل يمكن لاندفاعنا تجاه أمر ما أن يخالطه شيء من الإذعان الطوعي..؟
وهل اندفاعنا سوى إذعانٍ مستتر..؟!
طبّقت الأمر على نفسها.. فثمة اندفاعات متلاحقة تقوم برصدها حين تسعى لتنفيذ إرادتها فيما ترغب به..
فكرت: ما المسافة الفاصلة بين ما أريده وما أرغب به..؟
أليست رغباتنا هي التي تحرك إرادتنا بما تشتمل عليه من جزء لا إرادي..؟
اللافت في مؤلف ريكور أنه يأتي بعنوانه آخر هو “الإنسان الخطّاء”..
ويبدو أن مفهوم الإرادة المكتملة لدى الإنسان لا يتحقق إلا بإمكانية ورود الخطأ بكل ما يقوم به ويفعله.
تستريح لهذه الفكرة.. إذ من قال إن كل أفعالنا يفترض أن تنطلق من بدأ الصحيح والصواب..؟!
ثم أين اللذة إن لم يخامرنا شعور غامض بحماقة ارتكاب الأخطاء المحبّبة التي تُعيدنا إلى قناعة الصواب عن كامل الوعي والقرار الحر..؟
أخطاءٌ محبُبة.. تلك التي تأتي بقوة دفع من رغبات سرية وعنيدة.. التي تُسيّر، أحياناً، إرادتنا لتغدو إذعاناً لا لبس فيه.
وعن طيف هذه الرغبات يتحدث بول ريكور في فصل (الهشاشة العاطفية)، من الكتاب نفسه، قائلاً: “يجب ربط الهوى برغبة السعادة وليس برغبة العيش. في الهوى يضع الإنسان كل طاقته، كل قلبه، لأن مسألة الرغبة تصبح كل شيء بالنسبة له. هذا (الكل) هو علاقة الرغبة بالسعادة. العيش لا يريد كل شيء. فكلمة (كل) لا معنى لها بالنسبة للعيش، بل للروح. فالروح هي التي تريد (الكل)، هي التي تفكر (بالكل) ولا تعرف الراحة إلا في (الكل)”.
وأخيراً، تجد ضالتها من الأفكار، بما عبر عنه ريكور..
خلاصته، بالنسبة لها، لقى نفيسة طال زمن مكوثها بذهنها دون هوية محددة.
أن يرتبط الهوى برغبة السعادة.. يعني تحصيل سكون الروح وهدأتها.. إنجازاً لرغباتها.
رؤية- لميس علي