افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – أحمد حمادة:
من المفارقات العجيبة في زمن الهيمنة الأميركي، وسياسات القطب الواحد، أن يتم تجميل احتلال أراضي الآخرين بمصطلحات غير معهودة في القاموس القانوني الدولي، ويتم تجميل انتهاكات حقوق الإنسان بعبارات لم يعهدها العالم من قبل، فالاحتلال يأتي “لتحرير الشعوب”، وانتهاك حقوق الإنسان يصدّر تحت عباءات “محاربة الإرهاب”.
هذا الأمر ينسحب اليوم على الاحتلالين التركي والأميركي للأراضي السورية، بل إن نظام أردوغان “ابتدع” مصطلحات إضافية لما تروجه واشنطن لتحقيق التجميل إياه، محاولاً تحسين صورة احتلاله العدوانية، رغم أن المساحيق المصنّعة تذوب دوماً مع أول كذبة يطلقونها، وعلى كل الصعد.
فكل العالم الحر يقولها بالفم الملآن: إن استمرار الوجود الإرهابي في محافظة إدلب وشمال وشرق سورية أمر خطير وغير مقبول، وإن إرهابيي “النصرة” وانفصاليي “قسد” وأخواتهما ارتكبوا الفظائع بحق السوريين، وخطفهم لمحافظات سورية يؤثر في تقدم الحل السياسي في سورية، على حين يرد نظام أنقرة: “إنهم المعتدلون الثائرون الأحرار”.
ما من مؤسسة حقوقية دولية إلا وتصرّح بأن الاحتلال هو السبب الرئيسي في إطالة أمد الأزمة، وهو الوباء الذي يعيق توطيد الأمن والاستقرار، وأن نهب ثروات السوريين من نفط وقمح هو جريمة بحق الإنسانية، بينما أنقرة وواشنطن تجمّلان احتلالهما وسرقاتهما بمزاعم حماية السوريين والحرص على حياتهم ومعيشتهم وحقوقهم.
الأمم المتحدة تصنّف التنظيمات المتطرفة ضمن التنظيمات الخطرة جداً، وتضعها على لوائح الإرهاب الدولي، ونظام أنقرة، ومن خلفه واشنطن، يدعمونها بالمال والسلاح والحماية، ويتسترون على جرائمها، ويناورون للفصل بينها وبين ما يسمونهم “معتدلين”، وهم يظنون أن الفصل إياه سيكون صالحاً للاستهلاك السياسي.
معظم عواصم العالم تقول: إن الاحتلال التركي ينتهك حقوق السوريين، ويسرق ثرواتهم، ويمارس سياسات التعطيش، والتهجير، و”التتريك”، والتغيير الديمغرافي، وتغيير مناهج التعليم، وتبديل الهوية العربية للمدن، ونظام أنقرة يزعم أن هدفه هو مناصرة حقوق السوريين والدفاع عنهم.
ولعل أكبر مفارقة في محاولات تجميل الصورة العدوانية أن تطالب أنقرة أحياناً بضرورة ما تسميه وقف هجمات الجيش العربي السوري على الإرهابيين في إدلب، وكأنها تتحدث عن “غزو سوري” للأراضي التركية، لتستمر في اللعب على حبال المتناقضات، والازدواجية في التصريحات، والتكاذب على صفحات الجرائد، وعلى شاشات التلفزة، وأخيراً قدح المزيد من الأكاذيب حول “الأمن التركي المزعوم” والمخاطر المزيفة التي تستدعي “احتلال الأراضي السورية”!.