الثورة – غصون سليمان:
على مائدة الميلاد كانت الوليمة السورية بكامل خيرها وأبهى صورها، فالصفاء والنقاء عنوان على امتداد الأفق.
فأيام الميلاد المجيد، حقيقة من تفاصيل أعلنها ناقوس الفرح ليكون ميعادنا اليوم حيث ضمدت الجغرافيا الوطنية جراحها وخلعت عن كاهل المدن لون السواد فهي التي اعتادت على دوام الخضرة بأساريرها لتعانق الأبواب والنوافذ وألوان الوجوه المتعبة، هي متعة الشوق بعد غياب، ونشوة الانتصار بعد خوض أشرس المعارك، دعاء بالخلاص وتضرع إلى الله بالتعافي والسلام والأمان.
إنه الشعب السوري صاحب الحضارة والرسالة الإنسانية جدير بالحياة، قادر على اجتراح المسرات بحجم ما أصابه من آلام وأوجاع على مدى السنوات العشر من اغتياله للسكينه واغتصابه للفرح من قبل جوقة الإجرام والعدوان.
عاد السوريون إلى بهاء حضورهم في الساحات يحتفلون على طريقتهم بتصميم شجرة الميلاد التي ترمز لشموخ الأرض والإنسان في وطن المحبة السلام. سورية الخير والعطاء ما كسرت شوكتها يوماً، رغم ما أصابها من ويلات وكوارث على مر التاريخ، هي جوهرة الشرق ونبض العالم.
طمع بها الكثيرون، وتآمر عليها أشرار الأرض حسداً وحقداً، ناصبوها العداء ليسرقوا غناها ويشوهوا صفاتها، فهي قلب الوجود حيث أهدته أبجدية الحرف.
فالميلاد بعرف السوريين لا يقتصر على شريحة معينة من أبناء المجتمع لطالما شجرته موجودة في كل بيت ودماء الشهداء عطرت كل شبر من أديم التراب، وزارت كل منزل ودار، ما
جعلها عنواناً للكرامة والفرح العام.
لقد حاول هؤلاء الأعداء تشويه خصوصية مجتمعنا وتخريب نسيجه الاجتماعي، واللعب على الوتر الطائفي البغيض والعصبية القاتلة لتشريح الجسد الطاهر وقطع شرايينه المترابطة .. إلاٌ أنٌ وعياً جماهيرياً حاضراً من كل أطياف المجتمع حال دون الانزلاق في متاهات الموت والهلاك.
فكان الصبر على الأذى يقيناً بحتمية الانتصار بفضل جيش عقائدي أعاد لوجه الاحتفال بأعياد الوطن الاجتماعية والدينية والوطنية ألوان قوس قزح من التراتيل والابتهالات، لنبقى في وطن العزة أعزاء كرماء.. فكل عام وسورية المحتفلة المنتصرة بميلادها بألف خير.