بانتظار رد الولايات المتحدة و(الناتو) على مقترحات روسيا بخصوص ضماناتها الأمنية، تبقى الأبواب مشرعة نحو المزيد من التصعيد وتأجيج التوتر، وهنا يتحمل الغرب بقيادة أميركا مسؤولية أي تصادم عسكري محتمل، وسواء تم التوصل لتفاهمات تنزع فتيل الانفجار، أم استمر الغرب على عناده، فإن أوروبا ستكون الخاسرة في كلتا الحالتين.
واضح حتى الآن أن دول (الناتو) تماطل في الرد على مقترح الضمانات الروسية، وهي بذلك تميل نحو المواجهة وليس التفاوض، وهذا الاحتمال يعززه تشبث الحلف بأجندته التوسعية نحو الشرق، ورفضه لمطلب روسيا بالتخلي عن فكرة ضم أوكرانيا لعضويته، وهذه تمثل جوهر الخطوط الحمراء لروسيا، ولن تسمح بتجاوزها حسب تأكيد الرئيس فلاديمير بوتين، وموسكو تملك الكثير من خيارات الرد بحال استمر(الناتو) بعناده، وهنا يتوجب على دوله أن تتحمل التبعات والعواقب، فلا شك أن حشد القوات، ونشر الصواريخ الأميركية في الدول الأوروبية، على الحدود الغربية لروسيا يشكل تهديداً خطيراً لهذه الدول، لأن موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما يعرض أمنها للخطر.
إجراءات الغرب الاستفزازية، تضع دوله أمام مفترق طرق من الخيارات الصعبة، فإن أصر (الناتو) على ضم أوكرانيا، سيكون ملزماً بالوقوف إلى جانبها وتعزيز التعاون العسكري معها، لرفع وتيرة التهديدات ضد روسيا، ولكنه لن يكون قادراً على تحمل العواقب، وفي حال اتخذ مواقف أكثر عقلانية، وانصاع للمطالب الروسية، فهذا سيضعف من مكانته، وسيزيد من حالة الانقسام داخل دوله الأعضاء، ولاسيما أن العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وألمانيا تبحث عن فرصة تتيح لها إمكانية تشكيل قوة أوروبية مستقلة بعيداً عن القيادة الأميركية، حتى وإن اتجهت الدول الغربية للاكتفاء بتشديد فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، أو إلغاء مشروع (السيل الشمالي2) فإنها ستكون المتضرر الأول، ولها في أزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا اليوم خير دليل، وبالتالي فإن الدول الأوروبية هي الخاسر الوحيد في أي جولة تصعيد، أو مواجهة مع روسيا، فهل تعيد دول (الناتو) حساباتها على أساس إعادة بناء العلاقات الدولية وعلى أساس توازن المصالح، واحترام سيادة الدول الأخرى وعدم تهديد أمنها، وبذلك تحفظ ماء وجهها، أم تستمر في الغرق بمستنقع سياساتها الخاطئة وتتحمل نتائجها؟.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر