رغم كل المنغصات ومصاعب العيش والحياة، حاول الكثير من السوريين أن يجدوا شقّاً في جدار.. أو ثغرة في مجمل تلك الأبواب الموصدة، ليخرجوا قليلا من قوقعة الحياة هذه، التي لا تخجل وهي تزيد من ضغطها عليهم يوما وراء يوم، ويبدو ان الكثير منهم – وكل بطريقته – وجد ضالته بثغرة أو شق، وخرج على إيقاع عيد الميلاد المجيد يتنفس الحياة بلونٍ جديد في الهواء الطلق.. وراح كل واحد يحتفل بالعيد المبارك على طريقته.. سواء بالذهاب إلى مرابع وساحات الفرح، والشوارع المزينة في بعض المناطق.. أم بالولائم التي اجتمع على طاولاتها احبة وأصدقاء.. أم بشيء من التسوق.. وأقلها ما رأيناه من مهرجانات عارمة على صفحات السوشيال ميديا بمعايدات حارة مشبعة بالحب وأطيب الأمنيات، مترجِمة – بالفعل – أجمل حالات التواصل الاجتماعي في هذا المجتمع السوري الجميل المتعطش للفرح والانطلاق إلى آفاق رحبة تليق به .. ولكنه مع الاسف لا يحظى بالدعم الكافي لا خارجيا ولا داخليا ليكون قادرا على التعبير عن جمال طاقاته وروعة مشاركاته كما لو أنه قادر على الانخراط مع هذا العالم بالشكل الملائم.
لا أدري ما هذا العالم المتوحش الذي يرضى لنفسه الاحتفاء بعيد الميلاد تحديدا وهو يمارس هذا الظلم كله وهذه الوحشية كلها على سورية وأبنائها رغم أنها مهد السيد المسيح الذي لا يخرج عن جغرافيتها عند الحديث عن سورية الكبرى ..؟! كما أن الجميع يدرك أين كانت محطة بولس الرسول الأولى عندما انطلق من دمشق، لينشر الرسالة المقدسة في أنحاء العالم .. فأين الوفاء عند بعض هؤلاء لعقيدتهم على الأقل ..؟! ومهما تكن الاعتبارات فليس من السذاجة القول في أنهم بعقوباتهم الجائرة وحصارهم الوحشي علينا يتخلون عن احترام الأرض التي أوصلتهم إلى الهداية .. وعن احترام أبنائها ..
ولا أدري كيف لا تتمكن حكومتنا من استثمار هذه الطاقات الجميلة التي يختزنها أبناء شعبنا في أعماقهم ..؟! فعلى الرغم من امتلاكها للكثير من الصلاحيات والسلطات والأموال التي بمقدورها أن تستثمرها على أكمل وجه هنا في الداخل .. نراها متعثرة هنا ومرتبكة هناك، ورغم كل الجهود التي تبذلها – إن كانت تبذل شيئاً من هذا فعلاً – فكأنها لا تفعل شيئاً يمسّ مصلحة الناس في حياتهم وتحسين أوضاعهم ..!
لا نشك بأن الحكومة قادرة على أن تفعل الكثير فيما لو أرادت وصمّمت على ذلك، كأن تُقسّم معاناة الناس إلى أبواب – مثلاً – وتحدد أولويات إغلاق الأبواب، وتصب كامل جهودها وإمكاناتها لإغلاق هذا الباب، ولا تهدأ حتى تغلقه، ثم تعلن عن البدء بإغلاق باب آخر.
لا ندري إن كان هذا التصور مقبولاً ..؟ ولكن عشوائية الجهود التي لا تعطي ثماراً ولا نتائج ملموسة على الحياة المعيشية فقد أنهكتنا فعلاً ..
نأمل من الله الخير لسورية وأهلها .. وكل عام وأنتم بخير .
على الملأ – علي محمود جديد