البساطة تصنع العظمة والأبطال يأتون من الشعب، هذه مقولة الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي تسلم قيادة الحزب الشيوعي الصيني عام 2012، حيث انتخب خلال انعقاد المؤتمر الثامن عشر للحزب، وبعد ذلك بعام انتخب رئيساً لجمهورية الصين الشعبية، ثم أعيد انتخابه للمرة الثانية، وقد شهدت جمهورية الصين الشعبية خلال فترة حكمه وقيادته ولا تزال استمرار نهضتها الاقتصادية وتعاظم دورها الدولي، حيث يرى النموذج الناجح في التنمية، لن يكون نموذجاً ثابتاً دائماً، وإنما الثابت منفعة الشعب ومصالح البلاد العليا وصولاً لبناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو كامل مع التأكيد على استمرار نهج الإصلاح والانفتاح الذي بدأ عام 1978على يد دينغ شياو بينغ، فمن دون استمرار عملية الإصلاح والانفتاح لا وجود للصين في الحاضر والمستقبل والقول للرئيس شي جين بينغ، فالحزب يطرح أفكاراً جديدة لحوكمة الدولة لكي تستمر عملية التنمية والابتكار، ولا تتوقف، قد أجابت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الذي نواتها شي جين بينغ أن الموضوع العام للعصر يتركز حول ماهية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في هذا العصر الجديد، وكيف يجب تطويرها وترى اللجنة: أن أفكار شي جين بينغ تعتمد على وراثة وتطوير الماركسية اللينينية وافكار ماوتسي تونغ ونظرية الإصلاح والانفتاح لدينغ شياو بينغ والتمثيلات الثلاثة ومفهوم التنمية العلمي لهو جنتاو وخلق بيئة أركولوجية صالحة وصين جميلة سماء زرقاء وأرض خضراء ومياه صافية وأن الصين لا تسعى للتنمية على حساب الشعوب الأخرى ولن تلقي بمشاكلها على الآخرين.
الاشتراكية ذات الخصائص الصينية (الصيننة) قد تبدو شكلاً من أشكال الرأسمالية تحت مظلة اقتصاد تقوده الدولة، ولكن في الحقيقة ما هو إلا تطوير للنظرية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية التي تعمل على تعزيز الثقافة الاشتراكية المتقدمة، حيث أثبتت نجاعتها وحيويتها واستجابتها للمصالح العليا للشعب الصيني ورافعة تطوره وازدهاره مع الحفاظ على الهوية الثقافية للشعب الصيني، حيث ثبت أن النمو الناجح في التنمية لن يكون نموذجاً ثابتاً بالضرورة، وإنما الثابت الوحيد هو منفعة الشعب والمصالح العليا للبلاد، وهذا يدخل في تطويع وتطوير الممارسة العملية للسياسة وتكييف إدارة شؤون البلاد مع مصالح الشعب ومصالحه.
لقد ثبت تاريخياً أن السمة البارزة للتمييز بين القادة العظام والقادة التقليديين هو القدرة على تكييف المبادئ وتطويعها وتحويلها لوقود وطاقة تحرك الجماهير. من هنا يمكننا القول: إن الرئيس شي جين بينغ ينتمي إلى الصف الأول من الزعماء والقادة العالميين مثلما هو دينغ شياو بينغ، الأمر الذي يلخص ويفسر نسيرة مئة عام من التطور في الحزب الشيوعي الصيني في الفكر والممارسة، أوصلت الصين إلى ما هي عليه من ترسيخ نموذج للاشتراكية غير معهود في السياسات التقليدية.
يحق لجمهورية الصين الشعبية أن تفتخر بأنها أصبحت ظاهرة في التنمية، وأن السياسات التي انتهجتها وتنتهجها سواء على المستويين الداخلي أم الخارجي أصبحت نموذجاً يحتذى به في أغلب دول العالم التي تسير في طريق التنمية اعتماداً على نهج وطني وانفتاح محسوب وسياسات رشيدة. وحوكمة للاقتصاد وإدارة ناجعة وكفوءة، فالصين عبر سياسة الإصلاح والانفتاح والنهج العلمي وحوكمة الاقتصاد حققت تقدماً هائلاً في كل الميادين، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهي مستمرة في هذه السياسة، فمن دون الإصلاح والانفتاح لا يوجد حاضر للصين ولا مستقبل لها، وهذا ما يؤكده الرئيس شي جين بينغ، ويضيف بأن التحسين المستمر لهذه السياسات يوفر بيئة أصلح وظروفاً أروع لأصحاب رؤوس الأموال من المستثمرين، وهذا يصب في مصلحة الجميع.
تدرك الصين الحديثة بوصفها دولة كبرى ذات مسؤوليات كبيرة أمام المجتمع الدولي أنها تعمل تحت مظلة القانون وتطبيق الدستورعلى نحو شامل بعيداً عن الفردية والشخصنة، ما يحقق قدراً عالياً من حياة رغيدة لأبناء الصين كافة في المدن والأرياف والساحل والداخل، إضافة للخيار الأهم للدولة الصينية، وهو مشروع الحزام والطريق الذي أطلقه الرئيس الصيني شي جين بينغ، والذي سيشكل تحولاً عاماً على مستوى العلاقات الدولية وشريان حياة وتنمية للشعوب في القارات الثلاث، ولا سيما آسيا وإفريقيا التي تجد في هذا المشروع عاملاً أساسياً في نهضتها الاقتصادية والاجتماعية، وسبيلاً للتخلص من عصر الهيمنة الأميركية واشتراطات صندوق النقد الدولي وشريان حياة يصب في مصلحة الإنسانية ولاسيما أن 60 دولة قد انخرطت في حيثياته، ورصد له أكثر من تريليون دولار وتمول مشاريعه، من أربعة بنوك ومصارف صينية، وقد بدأت مرتسماته تبرز وتظهر في أغلب مناطق العالم.
وإلى جانب ذلك تقف الصين بقوة إلى جانب الدول التي تدافع عن سيادتها واستقلالها بمواجهة سياسة الهيمنة، وما نتج عما سمي الفوضى الخلاقة والحرب المزعومة على الإرهاب، وهنا نشير إلى موقف جمهورية الصين الشعبية إلى جانب سورية في حربها على الإرهاب ودفاعها عن سيادتها واستقلالها، إضافة إلى مواقفها في مجلس الأمن دفاعاً عن الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة واعتماد سياسة الاستقرار البناء بدل ما سمي الفوضى الخلاقة وما قدمته جمهورية الصين الشعبية من مساعدات إنسانية للشعب العربي السوري، وهو يواجه الإرهاب الاقتصادي من دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية تحت مسمى قانون قيصر، ناهيك عن المساعدات التي قدمت لدول العالم وهي تواجه فيروس كورونا من خلال تزويدها باللقاحات اللازمة والضرورية لمنع تفشي ذلك الوباء القاتل، حيث ترى الصين أن سعادة الشعب الصيني هي جزء من سعادة شعوب العالم، ولا تسعى لتحقيق التنمية على حساب مصالح الدول الأخرى، وهي لن تلقي بمشكلاتها على الآخرين، بل تعمل بثبات على تحقيق السلام والتنمية المشتركة والتمسك بالنظام التجاري المتعدد الأطراف والمشاركة في حوكمة الاقتصاد العالمي، حيث تساهم بشكل فعال في بناء نمط جديد من العلاقات بين الدول كبيرها وصغيرها وصولاً لعدالة وشراكة في المغنم والمغرم.
إضاءات- د خلف المفتاح