أولت الكثير من الدول المتقدمة التعليم المهني جل اهتمامها واعتبرته ثروة لا تقدر بثمن، وقد شكل حجر الأساس في نهوض وبناء وتنمية الكثير من البلدان، نظراً لدوره الكبير والمزايا التي يوفرها في تحقيق النهضة العلمية والتقنية والنمو الاقتصادي ومواجهة التحولات والمتغيرات الحالية والمستقبلية، فضلاً عن دوره في تلبية حاجات سوق العمل وسد النقص فيه ورفده بالقدرات والكفاءات المختلفة التي تتطلبها التنمية، وفتح آفاق جديدة للشباب الذين يرغبون في تطوير معارفهم ومهاراتهم لدخول سوق العمل وتحسين فرص التوظيف والتخفيف من نسب الفقر والبطالة .
مع الاعتراف العالمي بأهمية التعليم والتدريب المهني والتقني والمهارات، لابد من الإقرار بأن هذا القطاع يواجه تحديات ليست قليلة، من أهمها قصور الثقافة المجتمعية عن إدراك أهمية هذا النوع من التعليم ودوره في بناء المجتمع، والنظرة السلبية له وثقافة العيب للعمل اليدوي وتعظيم قيمة التعليم العام، وذلك بسبب غياب الوعي والإرشاد والتوجيه المهني وضعف مصادر التمويل، الأمر الذي يتطلب مراجعة شاملة لبنية النظام التعليمي بكافة عناصره وإصلاحه وفق خطة شاملة وتشخيص نقاط القوة والضعف في المنظومة التربوية والعمل على أن يحتل مكانته المناسبة ويأخذ حقه في استراتيجية التعليم في المستقبل، بحيث تكون المحفزات المادية والمالية عنصراً محورياً مشجعاً للدارسين وللطلاب المتقدمين للمدارس المهنية، وتحسين نسب القبول في الجامعات والكليات التقنية، وضمان الوظيفة بعد الانتهاء من التعليم والتدريب .
سوق العمل عانت في الآونة الأخيرة من اختلالات واضحة، وإصلاحها يتطلب التكامل بين التعليم العام والتعليم الفني واستقطاب الشباب وتطويعهم لدراسته ورفع مستوى الخريجين حتى يتخرج طالب ذو حرفة قادر على العمل في أي مؤسسة تتطلب تخصصه وإيجاد فرص عمل لهم في القطاعات العامة والخاصة وضرورة المواءمة بين مخرجاته ومتطلبات سوق العمل بهدف تحقيق التنمية المستدامة والنمو والنهوض بالاقتصاد وتصحيح المفاهيم الخاطئة المرتبطة به وتوفير نظام معلومات وقاعدة بيانات وطنية عن سوق العمل والعمالة ومستوياتها وتصنيفها ومعرفة الحاجة الفعلية الحالية والمستقبلية من الكوادر المهنية المدربة والمهيأة من كل ومختلف التخصصات الفنية والتقنية للقيام بواجبها في مرحلة البناء وإعادة الإعمار.
الشباب هم عماد وأمل أي أمة، والأمة التي تفشل في استثمار طاقات أبنائها هي أمة محكوم عليها بالفشل ولذلك يجب علينا الاهتمام بهذا النوع من التعليم والاستثمار فيه لأنه بمثابة الكنز المدفون.
أروقة محلية – بسام زيود