الملحق الثقافي:ديب علي حسن:
جاب أبو الطيب المتنبي بلاد العرب أوطاني باحثاً عن إمارة أو منصب يدر مالاً ..ومدح كافور الإخشيدي لعله ..
وأطعم ابو حيان التوحيدي النار كتبه وأعلن عن عوزه ..
ولا ننسى ذاك الشاعر الذي ترك مهنة الأدب وعمل جزارا وقال كنت بالشعر ارجو الكلابا واليوم صارت الكلاب ترجوني ..
القائمة طويلة حين نريد أن نعدد الكتاب والمبدعين الذين أدركهم العوز الحقيقي..قضى فارس زرزور وهو يتسول حتى ثمن الدواء ومضى الباحث فؤاد غريب وقد عجز عن تأمين ثمن دوائه ..وكل ما أبدعه السياب لم يؤمن له ثمن الدواء…القصة طويلة طويلة ..ما جعل نزار قباني يطلق صرخته المدوية: أفي عصر زيت الكاز يعرى شاعر وترفل بالحرير..
وغير ذلك كثير..وعلى المقلب الآخر ثمة من لايعرف كيف يصرف المال ..كل شيء يبذخ عليه إلا أن يخصص جانباً منه لدعم مبدع أو مشروع ثقافي.
المال العربي في معظمه ولا سيما السوري جبان في تمويل الإبداع والمثقفين …هذه حقيقة يجب أن نعترف بها.
في العالم كله ثمة من يخصص مبلغاً لجائزة أو لبحث أو دعم طباعة أو نشر..
إلا في سورية نادراً ما تجد ذلك ..
المال والمبدعون جدلية تزداد حضوراً حيناً وتغيب أحياناً ..
الصناعات الثقافية تدر على الصانع ما يسد رمقه ويزيد من طباعة ونشر ..
لكن تأمل المشهد هنا عندما تريد نشر كتاب …لا حقوق لك إلا فتات يجود به الناشر..
قد يكون خمسين نسخة في أحسن الأحوال تذهب خلال أيام هدايا…
أما المؤسسات الرسمية التي تعنى بالنشر فكان الله بعونها لم تقصر الهيئة العامة للكتاب ولا اتحاد الكتاب العرب.
أما وزارة الإعلام فهي في حل من هذا كله ..وكأن صناعة الكتاب أو دعم الثقافة خارج اهتمامها..لكنها والحق يقال تبذخ على الدراما بل تلح في البذخ ..
نحتاج مقاربات جديدة في دعم الإبداع الحقيقي ..نحتاج أن نحصن جدار الصد الأول…
التاريخ: الثلاثاء11-1-2022
رقم العدد :1078