عندما توجه العشرات من مزارعي الحمضيات بمناشدات معززة بفيديوهات وصور عن ترك موسم الحمضيات على الشجر وتساقط كميات كبيرة منه على الأرض لضرورة التدخل وإنقاذ تعب وشقاء موسم كامل يحفظ كرامة أصحابه من مد اليد للآخرين تعتمد على قيمة بيع موسمه، كان أغلبيتهم يدركون أن صوتهم سيبقى صداه في محيط أراضيهم ولم ينتظروا تحركاً إنقاذياً سواء على مستوى المحافظة أو من السلطة التنفيذية لمعالجة معوقات تسويق أحد أهم محاصيلنا الاستراتيجية وهي معوقات مستمرة منذ سنوات، وفوق ذلك جاءت تلك التصريحات الصادمة والمحدودة الرؤية من البعض بأن لا جدوى اقتصادية من إقامة معمل عصائر في الساحل وزادت المعاناة بعد إجراءات تسعير الكيلو بسعر زهيد للفلاح من السورية للتجارة في وقت يباع القليل في صالاتها والسوق بأسعار مضاعفة.
ومع تضاؤل الأمل بإنقاذ موسم تسويق الحمضيات وما قد يترتب على ذلك من مشاكل وأعباء معيشية على المزارعين جاء التوجيه من مقام الرئاسة بضرورة اتخاذ قرارات وإجراءات سريعة لمعالجة تسويق المحصول، وبالفعل وخلال ساعات قليلة تواجد وفد حكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء المعنيين بالقضية في اللاذقية ومن خلال التواصل المباشر مع المعنيين اتخذت جملة إجراءات وأكد رئيس مجلس الوزراء أن الموسم سيتم تسويقه بأسعار معقولة تغطي التكلفة زائد هامش من الربح وإيصال الدعم للمزارعين وغيرها من الإجراءات الفورية لحل المشكلة.
الفرحة التي يعيشها مزارعو الحمضيات لمعالجة معوقات الموسم الحالي وثقت نشر الصور، ورفع الصوت عالياً بأنه عندما يصل لمقام الرئاسة سيأتي الإجراء المنتظر يحمل معه عشرات الأسئلة والاستفسارات، أولها والأكثر صدمة فعلاً أنه هل يعقل أن تتراكم وتتداعى التأثيرات الكارثية للتأخر والتغاضي المعتمد في معالجة أزمات وقضايا في قطاعات كثيرة؟!
وما الذي كان يمنع تنفيذ ما حصل أمس في قضية الحمضيات بشكل معاكس بحيث تعلن الجهات المعنية حالة الاستنفار وتتكامل جهودها وإمكاناتها وتبادر فوراً ورغم كل المعوقات الخارجية لاتخاذ الخطوات السريعة نفسها التي اتخذت أمس وقدمت رؤى تتضمن الإحاطة بملف تسويق الحمضيات هذا العام ويجري تعميم التجربة على بقية الملفات؟ لا نعتقد أن هناك ما يمنع ذلك ويبقى السؤال الأهم: لماذا؟.
الكنز- هناء ديب