الوضع المعيشي والأمور الحياتية الصعبة التي يعانيها السوريون اليوم، هي من مفرزات الحرب الإرهابية التي تقودها الولايات المتحدة، وهذه حقيقة لا جدال فيها، والكل يلمس مفاعيل الحصار والعقوبات، والتداعيات المترتبة على وجود الاحتلال الأميركي في منطقتي التنف والجزيرة، وما يعنيه ذلك من أعمال نهب ممنهجة من قبل هذا المحتل ومرتزقته من إرهابيي “قسد” لثرواتنا النفطية والغازية ومحاصيلنا الزراعية الاستراتيجية، والأمر ذاته ينطبق على وجود الاحتلال التركي ورعايته للتنظيمات الإرهابية في إدلب، وبعض مناطق حلب والجزيرة، وأعمال السطو والنهب التي يرتكبها النظام التركي وإرهابيوه المأجورون.
الاستهداف الأميركي المبرمج لقطاع النفط باعتباره حاملاً للطاقة، وللاقتصاد الوطني، وما يسفر عنه من خسائر بمليارات الدولارات، يوضح ماهية الأبعاد والأهداف القذرة التي تسعى وراءها الولايات المتحدة لجهة تدمير مقومات الدولة السورية وإضعافها، لتحييد دورها المحوري الفاعل في المنطقة، والقضاء على منجزات الشعب السوري طوال العقود الماضية، فالحرب الإرهابية التي تقودها واشنطن، حولت سورية من بلد مصدر للنفط إلى بلد مستورد، حيث 95 في المئة من احتياطاتنا النفطية موجودة في المنطقة الشرقية الرازحة تحت سيطرة المحتل الأميركي، ومرتزقته من ميليشيا “قسد”، وهذه الاحتياطات النفطية تتم سرقتها بشكل يومي من قبل المحتل الأميركي، في انتهاك سافر لكل القوانين الدولية والمواثيق الأممية.
كذلك فإن إنتاج الغاز يتراجع ٨ % سنوياً بسبب التخريب الكبير الذي لحق بالآبار نتيجة الإرهاب وقصف قوات الاحتلال الأمريكي الذي أدى لخسارة ملياري متر مكعب من الغاز، وحقول الغاز الأساسية التي يجثم المحتل الأميركي فوقها، كانت تؤمن حاجة سورية بواقع ١١ مليون متر مكعب غاز من حقل كونوكو، والأمر ذاته ينطبق على محصول القمح، حيث كانت سورية تنتج حوالى ٥ ملايين طن سنوياً تكفي وتزيد على حاجتنا، وبسبب المحتل الأميركي ونهبه المتواصل لتلك الثروات، باتت الدولة تلجأ لاستيراد احتياجاتنا النفطية والزراعية، الأمر الذي أضاف أعباء مضاعفة على الخزينة العامة للدولة، وانعكس سلباً على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن السوري.
الولايات المتحدة تمارس أعلى درجات الإرهاب الدولي الممنهج بحق الشعب السوري، وهي تتدرج بسلوكها العدواني وفقاً لمعطيات الميدان والسياسة، والتي دائماً ما تكون في غير مصلحتها بفعل الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على أدواتها الإرهابية على الأرض، وكذلك بفعل تعاظم صمود السوريين، وتصديهم للمخططات والمشاريع الصهيو-أميركية، والإرهاب الاقتصادي يأخذ اليوم الحيز الأكبر ضمن استراتيجية العدوان الأميركية، بسبب إدراك واشنطن بأن وجودها الاحتلالي لن يدوم طويلاً، ودعمها المتواصل لفلول الإرهابيين، وأذرعها الانفصالية لن يسعفها في تحقيق أجنداتها السياسية، وهذه حقيقة سيترجمها السوريون على أرض الواقع في القريب العاجل.
البقعة الساخنة- ناصر منذر