في عالم الساحرة المستديرة، اللاعب فنان، والمدرب مخرج، والمدير الفني كاتب سيناريو، كرة القدم ليست رياضة بالمعنى الدقيق للكلمة كما يقولون، أي أن اللاعب لا يبذل جهده ومهاراته طوال التسعين دقيقة كي يمارس الرياضة، بل لأنه يؤدي مهنة مربحة له ولغيره وساحرة للناس مثل الفن تماماً،لا إن كرة القدم أكثر من كل هذا، فاللاعب يتقاضى أجر الفنان الشهير، والمدرب أجر المخرج، وهكذا، والمنتج في النهاية هو الذي يستثمر أمواله في هذه الصناعة المربحة والساحرة لكل العالم، من الطفل الصغير إلى المرأة إلى الكبار في السن، ومن النادر جداً أن تجد من لا يتابع كرة القدم ويهتم بها، ويحفظ أسماء لاعبي فريقه المفضل، وأسماء غيرهم، وفي النتيجة فقد تفوقت صناعة كرة القدم على صناعة الفن بما لا يقاس.
من هذا التشبيه التعريفي الذي يقر به المحللون المحترفون نبدأ في تقييم المشهد الكروي المحلي لنحدد إذا كان مجدياً فعلاً، أم أننا قد نصل في الحكم عليه إلى حد القول إن لاعبينا يركضون ضمن المستطيل الأخضر بلا جدوى، وطبعاً القصد من المبالغة هنا هو التأكيد على ما سبق، كرة القدم صناعة فنية هدفها سحر الجمهور وإمتاعهم وليس ممارسة الرياضة فقط، وأين مسابقاتنا المحلية من هذا التعريف؟ أين الإمتاع؟ وأين الفن على ملاعب لا تشبه الملاعب، ومستوى فني يزداد تراجعاً وسوءاً.
لقد بات من الصعب فعلاً أن يظل المشاهد مشدوداً إلى مباراة محلية مدة 90 دقيقة كاملة دون أن يصيبه بعض الملل وربما كل الملل، وهنا نتكلم عن المشاهد الإيجابي، أي ابن النادي ومن متابعيه، أما المُشاهد السلبي الذي يبغي المتعة فقط، فقد خسرته مسابقاتنا المحلية منذ زمن، لا مستوى ولا جمالية، حتى طريقة النقل التلفزيوني متواضعة جداً، مشهد متكامل من البؤس، بدءاً من مستوى اللاعبين، إلى مستوى الملاعب، إلى مستوى النقل التلفزيوني فعن أي صناعة كروية فنية نتحدث؟.
إذا أردنا أن نتحدث عن حلول وعن سحر جديد لمسابقاتنا المحلية فلنركز على الإدارة، فلاعبونا محترفون احتكوا بالمحترفين ولم ينفعنا احترافهم شيئاً لأن الخلل إداري وكل الوعود من الإدارات هي مجرد ذر للرماد في العيون!!.
إن أردنا سحراً، فعلينا التأسيس الصحيح في المراحل السنية، والتشدد في اختيار الطواقم الفنية الموهوبة المثقفة كروياً، والابتعاد عن القرارات والتعاقدات والصفقات الفاشلة، فهذه مجمتعة، أسهمت في مشاهدة هذه المباريات الضعيفة للغاية، وصولاً إلى عدم مشاهدتها من قبل مرضى الضغط والقلب.
طريقة (التسكيج) وكأننا نعمل في ورشات إصلاح السيارات، وليس في مدن رياضية، هي التي أوصلتنا إلى هنا، وكي نحصل على صناعة كروية ساحرة علينا أن نكون مبدعين، فنانين، وليس موظفين رياضيين !!.
مابين السطور – سومر حنيش