الملحق الثقافي:غسان شمه:
ماذا يستطيع الإبداع..؟
ينطوي هذا السؤال، بتقديري، على قدر من التفاؤل بقدر ما يتضمن، في الوقت نفسه، نوعاً من التشكيك في قدرته ذاتها.. ولكن ما المسافة بين هذين الحدين؟
بوجه عام يسعى الأدب، كما الفن، إلى الكشف واستشراف آفاق المستقبل من خلال رسم صورة الواقع دون أن يتخلى عن الخيال، مؤسساً نتاجه على الحالة والمقدرة الإبداعية للفرد وحريته في اختيار الموضوع وطريقته ومعالجته وغايته متسلحاً برغبته في إطلاق ذلك الشعاع تجاه الآخر المتلقي.
هنا ربما ينبغي أن نتساءل عن الإبداع كخيار فكري وفني: فهل هو العمل المنتفض على غبار أو معايير المدارس الفنية التي قد تؤطره في دوائر وغايات محددة كالواقعية وتنويعاتها؟ أم أنه الأدب الذي ينطلق من الحرية والخيال متلحفاً رداء الفن للفن؟.
ومن الطبيعي أن تأخذ الأسئلة برقاب بعضها: هل يمكن للإبداع، الأدبي والفني، أن يخدم الماضي أكثر من الحاضر؟ وهل يذهب بكامل بهاء انتمائه لمناصرة فكر طبقة على حساب طبقة أخرى؟ وإلى أي مدى تؤثر الميول السياسية والاجتماعية على نتاج المبدع؟.
في ظل هذه التساؤلات يبقى الإبداع روح الحاضر التي يمثلها عمل المبدع وخلاصة فكره ومعرفته المتراكمة كما هي نافذة أمل على المستقبل في صورته الواسعة فليس هناك أدب أو فن لا يستند صاحبه إلى وجهة نظر فكرية ونقدية تجاه الحياة والمجتمع.. ومن هنا يذهب الإبداع في مسارات مختلفة للتعبير عما يعتمل داخل الفرد والجماعة، في إهاب موقف المبدع الذي يتطلع دائماً لصورة مختلفة قد تتباين الرؤى لأهميتها..؟.
في ظل ما سبق لنسمح بسؤال مجاور: هل يستطيع الإبداع؟
لست في وارد الإجابة بقدر إثارة التساؤل مع العودة دائماً إلى المحطة الأولى في مهمة، أو غاية، الأدب والفن، باعتبارهما عملاً ينبغي أن ينطوي على الإبداع، ونعني هنا الكشف والاستشراف، حيث أن الارتقاء برؤية المبدع وكشفه العميق واستبصاره سيعمل على زحزحة الثابت في الحد الأدنى على المستوى الفكري والإنساني لكن هذا يشبه الرقص مع الزمن الذي قد يحول الإبداع لحالة معرفية تراكمية بما يقدمه الأدب والفن التشكيلي أو الدرامي، من مقاربات فكرية نقدية لفتح نافذة أمل على الصعيد الإنساني.
التاريخ: الثلاثاء18-1-2022
رقم العدد :1079