يتساءل أندريه كونت سبونفيل: ما الحكمة؟ ليأتي جوابه: “إذا لم تكن هي قمة السعادة في قمة الوضوح، فإنها الحياة الجميلة على حدّ تعبير الإغريق”..
وفي كتابه “قلق في الحضارة”، يأتي سؤال سيجموند فرويد: ماذا يطلب الناس من الحياة؟ وفيما يأملون؟ ليجيب: (ليس ثمة من احتمال في أن نخطئ لو أجبنا بالقول: إنهم يرمون إلى السعادة. الناس يريدون أن يكونوا سعداء وأن يستمروا في ذلك).
هل من الحكمة أن نستمر في إرادة السعادة حتى في أبشع ظروف العيش..؟
أيبقى لدينا أي وقت للتفكير بالفرح والسعادة حين تستنزفنا يوميات البحث عن أبسط مقومات الحياة السليمة..؟
ليست عملية بحث متواصلة، بل هي عملية تنقيب، ربما لا تكون واعية، بمعنى مقصودة، وهو ما يجعلها تصدر بطريقة عفوية..
تنقيب وبحث دؤوب لالتقاط براعم فرحٍ مخبوء في تفاصيل يومياتنا الشحيحة عن أي فرصة لاقتناص إشراقات سعادة.. ويبدو أنه واجبٌ علينا اكتساب مهارة اكتشافها مهما طُمِرت تحت سابع أرض الأوجاع والأحزان..
نحن نشرق مع أي محاولة لإحياء أمل الفرح داخلها.. نتسلح براجمات الحزن مهما بلغت شدّته وقسوة اللحظات حولنا.
الحكمة هي الرغبة في مواصلة إحساس الفرح.. مهما كان متأتياً من أشياء بسيطة.
تبدو قمة الحكمة ومعرفة كيفية العيش وإتقان تفانينه عبر استثمار بساطة الأشياء فرحاً.
وكما لو أن عيش لحظة فرح هو انعتاق من كل البؤس المحيط.
كم نحتاج من مهارة وخبرة حياتية كي نصبح قادرين على الإحساس بالسعادة من خلال أصغر الأشياء والأحداث في يومياتنا..؟
ثمة شعور غامر بالتحدي كلّما استطعنا التقاط ابتسامة واستنهاض قوة الفرح داخلنا مهما اسودت الحياة من حولنا..
وكلّما زادت الأزمات وتواجدت الصعوبات أكثر وعرقلت مسيرنا، أصبحنا أكثر تقديراً للحظات الفرح، تثميناً لها، وعناداً لعيشها.. لهذا نحياها كما لو أننا نعانقها عناق أحبّة لم يلتقوا منذ زمن.. ألم يقل هنري برغسون: “تنبّهنا الطبيعة عبر إشارة بعينها أننا قد بلغنا غايتنا، الفرح هو تلك الإشارة”.
رؤية- لميس علي