رغم برودة الطقس ورياحه الشديدة فقد احتفت صالة” مشوار” للفنون بمعرض الفنان موفق مخول الذي حمل اسم” ذاكرة الروح” حاول خلالها أن يجسد الإنسان في قدسيته ومعاناته اليومية، وكيف تصنع تحديات الزمن جبهات جديدة تقاوم من أجل البقاء، وتسرق من متع الحياة ما كان متاحاً في زحمة تلك المعوقات التي تشوه حياته، فيجد في الفن مساحة آمنة لتسكن إليها روحه المتعبة.
ولأن الفن كان صديق الإنسان منذ بدء الخليقة، فهو الحاضن الثقافي لهوية المجتمع، يوثق آلامهم، أحلامهم، وآمالهم، وينشر الجمال في غير مكان، ولطالما باهت الشعوب بفنانيها ووجدت الصالات الفارهة لتحتضن هذا الفن الذي يسمو ويرتقي بالذائقة الفنية، وينتصر للإنسان كقيمة عليا في الحياة.
ومن يتابع الحركة الفنية في الصالات الخاصة وصالات المعارض في غير مركز ثقافي، سيستوقفه هذا الحراك اللافت للمعارض، ولهذا دلالاته الثقافية والاجتماعية، بأن الفن هو الحاضن الأول لكلّ ما يدور في المجتمع من أحداث وتغيّرات، وهو في الآن نفسه ينثر بريق الحياة في نفوس الناس، لأن يخلق عالماً من الجمال والمحبة، بعيداً عن بشاعة الحروب والأزمات، ويشحن النفس بمزيد من الأمل وأن الحياة يمكن أن تنطلق من جديد.
ومن هنا لابدّ أن نعير هذه الفنون ما تستحق من الاهتمام، وأن نعيد للفنون جميعها مكانتها في مؤسساتنا التعليمية، وأن نحيي تلك المهرجانات والمسابقات التي تحفز الأطفال على الإبداع، واحتضان مواهبهم، فكثير من المواهب هي مشروع فنان في المستقبل.
وبدهي أنّ لكلّ فنان رسالته التي يسعى إليها عبر هذا الفن العريق، ينطلق من دوره في المجتمع في بث الوعي وتكريس القيم المجتمعية التي تعيد للمجتمع إشراقته وتألقه، بعيداً عن كلّ ما يشوه المجتمع من نزاعات وأحقاد وخلافات، وهو في الآن نفسه يرسم خطا جديدة نحو البناء والتطوير، ليكون رسولاً للخير والمحبة والسلام.
واليوم إذ تضن علينا الحياة بمباهجها، لابدّ أن نجد مساحة للفن في حياتنا لنبني الحياة التي نحن نريدها ونسعى إلى تحقيق سلام داخلي وروحي آمن.
رؤية – فاتن أحمد دعبول