عكس اللهاث الأميركي المتواصل خلف الخراب والفوضى، الوضع المأساوي الذي وصلت إليه ” الامبراطورية العظمى ” التي حملها رهانها المستمر على الإرهاب والدمار والعبث بعناوين المشهد الإقليمي والدولي إلى حافة التصدع والانهيار، لاسيما وقد أضحى العالم على عتبات نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.
“الحدث الأوكراني ” بأبعاده وارتداداته، كشف ذلك التصدع بشكل واضح ومفاجئ، وهذا باعتراف الكثير من الساسة والباحثين الأميركيين والغربيين، خصوصاً في ظل التخبط الأميركي حيال التعاطي مع التطورات السريعة للأحداث التي تعاملت واشنطن معها وكعادتها بقليل من الواقعية، وكثير من الغطرسة والأنانية التي وصلت إلى حدود الوقاحة والفضيحة في التخلي العلني عن أدواتها وشركائها وحلفائها، لاسيما الأوروبيين الذين بدو الأكثر تأثراً وضرراً من سياساتها وقراراتها، خاصة تلك التي تتعلق بفرض عقوبات اقتصادية على الدولة الروسية.
صحيح أن أميركا تجنبت خيار المواجهة العسكرية مع روسيا، لعلمها ويقينها أن هذا الخيار تكلفته باهظة جداً وقد يدفع بالعالم إلى عمق الهاوية، لكنها بالمقابل اختارت بدلاً عنه، خيار الحرب الاقتصادية حتى لو كان وقودها حلفاؤها وشركاؤها والأميركيون أنفسهم، إلا أن الأهم في هذا كله أنها قامت من خلال هذه السياسات الحمقاء بغرس سكين في جسد النظام القطبي المهيمن الذي تقوده والذي تستشرس في الدفاع عنه لتظل ممسكة بمفاتيح العالم، ومتحكمة فيه إلى ما لانهاية، من أجل نهبها خيراته وثرواته.
المشهد يتدحرج بسرعة نحو عناوين جديدة، وكل ما تقوم به واشنطن من صخب وضجيج في أغلبه مجرد استعراض لذر الرماد في العيون، لن يعيد عقارب الساعة إلى حيث كانت مهيمنة ومتفردة في القرار الدولي، فنظام ما قبل العملية الروسية لتصحيح المسار التاريخي، ليس هو النظام التي سوف يكون بعدها.
نبض الحدث -فؤاد الوادي