لميس عودة:
السباحة عكس تيار انجازات روسيا العسكرية والاقتصادية والثبات على حقوق صون الأمن الاستراتيجي، والغوص عميقاً في مستنقعات وهم تفخيخ حدودها، واستخدام الإعلام التضليلي أداة مسمومة لتأليب الرأي العالمي، هو ما تمارسه دول الغرب الاستعماري بمساع محمومة للخروج من دوائر ذعر بروز روسيا كقطب عالمي يتوهج بريقه، متغافلة انه من يمتلك أدوات منعته و قوته هو المنتصر بالحرب العسكرية والاقتصادية وبالإعلام بالمحصلة، ولو أشهرت في وجه دفاعه عن حقوقه وأمنه كل سيوف التضليل العدائي.
وباعتبار الإعلام قوة ناعمة تستخدم في الحروب كونها رديفا للقوة العسكرية والاقتصادية الصلبة سخرت دول الغرب ترسانة دعائية ضخمة لتشويه الحقائق وماكينات إعلامية تعمل على مدار الساعة انخرطت في لعبة التعتيم واختلاق الفبركات ونفث سموم التحريض ضد موسكو، وسيل من البرامج حفلت بها كبرى وسائل الإعلام الغربية في حرب نفسية مبرمجة تقودها أميركا وأذنابها لتأليب الرأي العام العالمي.
فقد استخدمت اميركا والاتحاد الأوروبي أدوات الحظر العدائي للضغط على روسيا، وتم إيقاف عمل قناة “آر تي” ووكالة “سبوتنيك” الروسيتين في أوروبا، كما قامت شركات فيسبوك وغوغل ونتفليكس ويوتيوب أيضا بتعليق خدماتها في روسيا،وأعلن الاتحاد الأوروبي عن تقييد وصول وسائل الإعلام الروسية إلى سائر الدول الأوروبية، هذا عدا الحرب السيبرانية التي أطلقت في كافة المجالات والاتجاهات ضد الدولة الروسية ومؤسساتها العسكرية والمدنية.
فالإعلان عن حظر القنوات الروسية عن فضاءاتها وعن مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب إضافة لحظرها على محركات البحث الغربية مثل غوغل من قبل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وضع الغرب الذي يدعي حرصه على حرية التعبير في خانة الاتهام والادانة، فهذه الخطوة تحمل بمضمونها إشكالية التوافق مع المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تقتضي أن “لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق الحرية في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود”.
وفي ظل استعار الهجمة الدعائية العدائية التي أدركت موسكو مقاصدها ومغازي عواصف التضليل المثارة إعلاميا وسياسياً ضدها حتى قبل بدئها بعمليتها العسكرية الدفاعية وذلك لتهيئة أرضية خصبة لآراء عالمية مشحونة بأكاذيب يمكن حشدها للاصطفاف على ضفاف الباطل الغربي الأميركي، لذلك عمدت إلى فضح مغازي الغرب الانتهازي الذي يريد إشعال حرائق في البحر الأسود والاستثمار بصفقات السلاح والإرهاب، واستخدام نظام كييف الدمية لتمرير مشاريع حصار موسكو، وتهديد الأمن الروسي، وأزاحت الستار عن الممارسات القذرة لواشنطن بتفخيخ الأمن العالمي والبيئة بشبكة مصانع بيولوجية في أوكرانيا تصنع فيروسات قاتلة ومميتة.
كما سارعت إلى اعتماد قانون تجريم التضليل الإعلامي بشأن قيام الجيش الروسي بواجباته لصون امن بلاده ومنع التعديات، وأقر مجلس الدوما الروسي مشروع قانون تجريم التضليل الإعلامي بشأن القوات المسلحة الروسية والذي ينص على فرض عقوبات جنائية وغرامات مالية ضخمة على كل من يقوم بتزوير وتشويه الأخبار المتعلقة بشأن القوات المسلحة.
وأمرت هيئة تنظيم وسائل الإعلام الروسية بحجب موقعي ” ميتا وتويتر” الذين تستخدمها الميليشيات النازية المتطرفة لتمرير معلومات مضللة وحجبها يأتي في سياق حماية المستخدمين منها.
ووفق كل ما سبق تبددت هالة المصداقية والنزاهة الكاذبة التي سعى لتكريسها الإعلام الغربي باستخدام منصاته كأداة سياسية وتوظيف إمكاناته لتشويه الحقائق، فأسقط عنه ورقة توت الحيادية وغرق في أوحال التزييف و العنصرية المقيتة.
وبالرغم من مزاعم انتهاج الإعلام الغربي لمعايير النزاهة والموضوعية، فإن تغطيته لهذه الحرب أظهرت انحيازاً واضحاً في التعامل مع مجرياتها، فكل ما تم ويتم بثه على مدار الساعة يصب في اتجاه واحد وهو الرأي الذي يهاجم روسيا من أجل شحن الرأي العام العالمي ضدها، كما تميز هذا الإعلام بالانتقائية في نشر ما يخدم أجندات مموليه الضالعين بتأزيم الأوضاع واستبعاد أي آراء تحاول عرض الأمر من وجهة النظر الروسية من حيث أسباب ودوافع ومبررات العملية العسكرية الدفاعية والتي يتحمل الغرب أسباب إشعالها من خلال عدم سعيهم لمنح موسكو ضمانات عدم تمدد الناتو شرقاً. لكن رغم كثافة الضخ العدائي الإعلامي لم تنجح دول الغرب في مساعيها لتشويه صورة موسكو ومحاولة شيطنتها، بل على العكس أظهرت الكثير من استطلاعات الرأي تفهم الرأي العام العالمي لأبعاد العملية العسكرية الدفاعية من جهة، ومن جهة أخرى حشرت أميركا في خانة الاتهام والتجريم بعد الكشف عن معاملها البيولوجية في أوكرانيا التي تصنع الموت وتهدد الأمن العالمي.