الثورة – همسة زغيب:
يصادف الاحتفال بعيد الأم في العالم العربي 21 آذار من كل عام، ويعد تكريما لدور الأمهات العظيم في تربية الأبناء وتأثيرهن في المجتمع.
كلمة “الأم” من أجمل الكلمات التي تغنى بها الكثير من الأدباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين عبر التاريخ، وتحدثوا عن مكانتها العظيمة، وضرورة الاهتمام بها، والعمل على رضاها، وتلبية أوامرها، وطاعتها فيما أمر الله تعالى، ومن قبلهم حثت النصوص القرآنية والنبوية على طاعة الوالدين ولاسيما الأم.
فالأم هي الحب والحنان وهي كل المشاعر الصادقة، فلا يوجد أصدق من الأم في الحب والعطاء والتضحية، واتسمت صورة الأم في معظم القصائد العربية، القديمة منها والحديثة، بالقداسة والنقاء.
فعبَّر الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش من خلال قصيدته العصماء والرائعة التي جاءت تحت عنوان “أمي” حيث بث فيها الكثير من المعاني الشعرية والمشاعر الجياشة الدافئة الصادقة والعفوية تجاه الأم، وفي هذه القصيدة الأثيرة معبراً فيها عن حنينه لأمه، التي فاقت شهرتها الكثير من قصائده:
“أحن إلى خبز أمي، وقهوة أمي، ولمسة أمي، وتكبر فيا الطفولة، يوماً على صدر يوم، وأعشق عمري، لأني إذا مت، أخجل من دمع أمي”.
وجاء في قصيدة الشاعر سعيد عقل:
أُمِّيَ… يا مَلاكي يا حُبِّي الباقي إلى الأَبَد
وَلَم تَزَلْ يَداكِ أُرْجوحَتي وَلَمْ أَزَلْ وَلَد.
أما الشاعر بدر شاكر السياب الذي فقد أمه وهو طفل لم يكمل عامه الأول ولم يعرفها أبدا وترك غيابها أثرا حزينا في مشوار حياته ولم يستطع التخلص منه.. فقال يرفض حقيقة وفاة أمه وظلت في باله فكرة أنها “لابد أن تعود”.
“تثاءب المساء.. والغيوم لا تزال تسح.. ما تسح
من دموعها الثقال .. كأن طفلا بات يهذي قبل أن ينام.. بأن أمه التي أفاق منذ عام لم يجدها.. ثم حين لج السؤال.. قالوا له.. بعد غد تعود.. لا بد أن تعود”.
أما الشاعر أحمد شوقي فقال:
“الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق”.
ويقول الشاعر محمود درويش: “أمّي يا نبع الحنان، يا صوت الآذان، يا ضوءاً يسرقني من بين الأصحاب، من بين أضواء المدائن، من مطارات العواصم، مُردِّداً لحن الحنين وأغنية العودة”.
وفي قصيدة عن الأم للشاعر المصري حافظ إبراهيم الذي اشتهر بلقب شاعر النيل وشاعر الشعب، عُرف بجزالة شعره وبذاكرته القوية، له العديد من الآثار الأدبية، قال فيها:
“الأمّ مدرسةٌ إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق الأمّ روضٌ إن تعهده الحيا بالرّيّ أورق أيما إيراق
الأمّ أستاذ الأساتذة الألى شغلت مآثرهم مدى الآفاق”.
وفي هذا اليوم المقدس علينا أن نتذكر أم الشهيد سواء من هي على قيد الحياة أو من رحلت، فهي أعظم الأمهات وأجملهنّ.. فجهادها عظيم وما قدّمته أعظم وعطاياها لا تقدّر بثمن، فهي روح العيد وفحواه.
وعلينا أن نتذكرها بالتكريم والتقدير والاحترام، ونطلب من الله أن يصبر قلبها، فقد قدمت فلذة كبدها الذي ضحى بروحه فداء للوطن ومن أجلنا كي نعيش بأمان، تذكرنا بأبيات الشاعرة سعاد الصباح وهي تصف أم شهيد بثوبها الأسود، وعينين مقروحتين، وقلب موجوع فهي لن ترى ابنها مرة أخرى فتقول..
“رأيتها ملتفة بالسواد.. في وجهها ملحمة من حداد مقروحة
الجفن على فلذة من كبدها الحرى طواها الرماد.. تشكو تخلع قلب
الجماد.. في ليلة العيد تهاوى ابنها مستشهدا في غمرات الجهاد”.
فقد حظيت الأم بمكانة خاصة على مر التاريخ؛ نظراً لما تقدمه لأبنائها في حياتها، وإهداؤها كلمات حب لها يكون بمثابة تكريم على دورها الكبير، وتبقى قليلة أمام عظمة ماقدمته.
فالأم كمصباح يضيء حياة الأبناء، فهي من تشعر الأبناء بأن هناك أماناُ في هذه الدنيا، فمهما كان الإنسان محاطاً بالمخاطر والمشاكل، فهي الطمأنينة والأمان لقلبه، وهي الدواء وسط الأوجاع، ولاتنتظر من أولادها سوى الحب والبر والاهتمام.